مكانة الرسول صلى الله عليه وسلم وكيف تنصره
مكانة الرسول صلى الله عليه وسلم وكيف تنصره
  | 6353   |   طباعة الصفحة


  • العنوان: مكانة الرسول صلى الله عليه وسلم وكيف تنصره
  • القاها: الشيخ الدكتور خالد بن ضحوي الظفيري حفظه الله تعالى
  • المكان: خطبة جمعة في مسجد السعيدي بالجهراء 25 ربيع الأول عام 1436هـ، ونقلت مباشراً على إذاعة موقع ميراث الأنبياء.

 
  • الخطبة الأولى:
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله أما بعد،،، فإن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمدٍ -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة، وكل ضلالةٍ في النار أما بعد،،   عباد الله، إن لرسولنا الكريم –صلى الله عليه وسلم- مكانةً عظيمة، ومنزلةً رفيعة لم يبلغها أحدٌ من الخلق فهو سيد ولد آدم يوم القيامة آدم ومن دونه تحت لوائه –صلى الله عليه وسلم-، ولقد أوتي الشفاعة العظمى التي اعتذر عنها ألوا العزم من الرسل, والتي اختصها الله بها وآثره بها على العالمين, ولقد كرمه ربه -عز وجل-، واختصه بمكرمات جزيلة لم يعطها لأحدٍ من قبله من الأنبياء -صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين-، وكلهم له منزلةً رفيعةٌ عند ربه, فعن أبي هريرة: أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال : «فضلت على الأنبياء بستٍ؛ أعطيت جوامع الكلم, ونصرة بالرعب، وأحلت لي الغنائم, وجعلت لي الأرض مسجدًا وطهورا, وأرسلت إلى الخلق كافة, وختم بي النبيون» رواه مسلم, وفي حديث جابرٍ «وأعطيت الشفاعة» متفقٌ عليه. وقال تعالى في بيان منزلته –صلى الله عليه وسلم-، وبيان صفاته الكريمة: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾[التوبة:128]، وقال -عز وجل-: ﴿لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾[آل عمران:164], ويقول -عز وجل- في بيان منزلته العظيمة وصفاته الكريمة: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا﴾[الأحزاب:45] ﴿وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا﴾[الأحزاب:46]، وأقسم الله -سبحانه وتعالى- بعظيم قدره فقال: ﴿لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾[الحجر:72] يقول ابن كثير -رحمه الله تعالى-: "أقسم الله تعالى بحياة نبيه –صلى اله عليه وسلم-، وفي هذا تشريفٌ عظيم، ومقامٌ رفيع ، وجاه عريض" يقول ابن عباس –رضي الله عنهما-: "ما خلق الله وما برأ نفساً أكرم عليه من محمد -صلى الله عليه وسلم- وما سمعت الله أقسم بحياة أحد غيره فالله يقسم بما يشاء أما العباد فليس لهم أن يقسموا ويحلفوا إلا بالله -سبحانه وتعالى-"، ويقول -عز وجل- مبينًا عنايته برسوله، ورعايته له، وحفاوته به: ﴿وَالضُّحَى﴾[الضحى:1] ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى﴾[الضحى:2] ﴿مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى﴾[الضحى:3] أي؛ ما تركك ربك وما قلى -أي؛ وما أبغضك- ﴿وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الأُولَى﴾[الضحى:4] أي ولدَّار الآخرة خير لك من هذه الدار ﴿وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى﴾[الضحى:5] فذكر الله -عز وجل- بعد ذلك ما أعد الله له -سبحانه وتعالى- من الرضا والعطاء والنعيم وأمورًا اختص بها نبينا -عليه الصلاة والسلام- ثم عدد الله ما أفاض عليه من النعم ورعاه وهو يتيمٌ وآواه إلى أن اصطفاه لرسالته فأنزل عليه الكتاب والحكمة وعلمه مالم يكن يعلم، وكان فضل الله عليه عظيما، رسولنا –صلى الله عليه وسلم- من أفضل الناس نسبًا فعن واثلة ابن الأسقع –رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «إن الله اصطفى كِنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشًا من كِنانة، واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم» رواه مسلم: وكان النبي –صلى الله عليه وسلم- أكرم الناس خلقًا يقول -عز وجل-: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾[القلم:4] قالت عائشة كان خلقه القرآن ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ﴾[آل عمران:159]، وعن عبد الله ابن عمرو –رضي الله عنه- قال: لم يكن النبي –صلى الله عليه وسلم- فاحشًا ولا متفحشًا، وكان يقول: «إن من خياركم أحسنكم أخلاقا»، وعن أبي سعيدٍ الخدري –رضي الله عنه- قال: كان النبي –صلى الله عليه وسلم- أشد حياءً من العذراء في خدرها، وعن أنس –رضي الله عنه- قال: كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أحسن الناس خلقا كما كان كاملًا في شجاعته –عليه الصلاة والسلام-، فعن أنس ابن مالك –رضي الله عنه- قال: كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أحسن الناس، وكان أجود الناس، وكان أشجع الناس، ولقد فزع أهل المدينة ذات ليلة فانطلق الناس قبل الصوت فتلقاهم رسول الله –صلى الله عليه وسلم- راجعًا قد سبقهم إلى الصوت وهو على فرسٍ لأبي طلحة عُرِيٍّ في عنقه السيف وهو يقول: لم تراعوا لم تراعوا، وقد وجدناه بحرا أي؛ هذا الفرس، وكان فرسًا بطيئا فلما ركبه رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أصبح سريعًا، وهذا من دلائل نبوته، وهذه الحادثة تدل على منتهى شجاعة النبي -عليه الصلاة والسلام-، ومن حديث البراء -رضي الله تعالى عنه- في قصة حنينٍ قال: كنا والله إذا احمر البأس أي: اشتدت الحرب والقتال نتقي به، وإن الشجاع منا من الذي يحاذي نبينا -عليه الصلاة والسلام- . رواه مسلم، وكذلك كان -عليه الصلاة والسلام- أعلم الناس بالله، وأشدهم له خشية كما في حديث أنس –رضي الله عنه- قال: قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: «أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له» رواه البخاري فرسولنا –صلى الله عليه وسلم- هو أفضل الرسل, له فضائل كثيرة ومحاسن عديدة بشّر به الرسل من قبله، وجاء ذكره في التوراة والإنجيل وله علينا -صلى الله عليه وسلم- حقوقًا كثيرة، فمن حقوقه طاعته وإتباعه، وإتباع ما جاء به من عند الله -سبحانه وتعالى-، ومن حقوقه علينا الإيمان به، وأنه رسول الله حقًا أرسله الله إلى الإنس والجن بشيرًا ونذيرا، والإيمان بعصمته فيما بلغه عن ربه، وأنه خاتم النبيين، وأنه قد بلغ رسالته على أكمل الوجوه، ومن حقوقه وجوب تعزيره أي؛ نصرته، وتوقيره، والتأدب معه -عليه الصلاة والسلام-، وألا نرضى عليه السوء، ونبغض كل من يتعرض له أو يسبه ولو كان أقرب قريبٍ، ومن حقوق المصطفى –صلى الله عليه وسلم- على الأمة الاحتكام إليه في كل أمرٍ يختلفون فيه من العقائد والأخلاق والعبادات والمعاملات وسائر شؤون الحياة، ومن حقوقه -صلى الله عليه وسلم-: وجوب محبته أكثر من النفس والمال والولد والناس أجمعين، ومن حقوقه –صلى الله عليه وسلم- على أمته أن يصلوا، ويسلموا عليه كما أمرهم بذلك ربهم ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾[الأحزاب:56]، ومن حقوقه –صلى الله عليه وسلم- على الأمة الإسلامية احترام أصحابه، وأهل بيته، وزوجاته، وموالاتهم، وبيان فضائلهم، ومزاياهم العظيمة والذبّ عن أعراضهم، وبيان مكانتهم عند الله وعند رسوله –صلى الله عليه وسلم-، وخيار هذه الأمة, وبغض من يتعرض لصحابته الكرام أو أحدٍ منهم فنسأل الله -تبارك وتعالى- أن يرزقنا احترام هذا الرسول الكريم –صلى الله عليه وسلم-، ومحبته وإتباع، وأن يثبتنا على ذلك، وأن يوفق الأمة الإسلامية جميعا أن تجتمع على كلمة الحق على كتاب ربها وسنة نبييها –صلى الله عليه وسلم-، وأن يعزها الله بهذا الدين الحق الذي أعز الله به محمدًا –صلى الله عليه وسلم-، وأصحابه، وأظهرهم الله على ملل الكفر كلها كما قال: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾[الصف:9] أقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنبٍ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.                                                        
  • الخطبة الثانية:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه أما بعد: عباد الله إن الناظر في حال الكفار من اليهود والنصارى وغيرهم من ملل الكفر يجدهم ممن ممن يبغضون ديننا أشد البغض، ويكرهون رسولنا أشدّ الكراهية فهم يطعنون في ديننا وفي رسولنا ليل نهار لا يوقفهم شيء عن ذكر ذلك وما ظهر من استهزائهم برسول الله –صلى الله عليه وسلم- في هذه الأيام ليس هو وليد الليلة بل هم على هذا، ويتدينون بذلك، ويبغضوننا، ويبغضون ديننا، ولا يرقبون في مؤمن إلًا ولا ذمّة فمن أحسن الظن بهم أو أحبهم فهذا قد أخلّ بدينه يقول -عز وجل-: ﴿وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ﴾[النساء:89]، ويقول -عز وجل-: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ﴾ [آل عمران:118]. وما فعلوه من استهزاء، ورسومات يوضح للمخدوعين بهم شيئًا من موقفهم منّا، ومن ديننا ومن نبيّنا فهل آن لهؤلاء المتشبهين بالكفار أن يرجعوا إلى دينهم؟ وهل آن للذين يحبونهم أن يتركوا مودتهم ويبغضونهم؟ وما فعله هؤلاء الكفار ليدل كذلك على ضعف المسلمين وما هم فيه من وهنٍ حتى فعل أولئك الأفاعيل، ولا يخافون أحدا, ولن تظهر العزة للمسلمين حتى يرجعوا إلى دينهم، ويعودوا لسنة نبيهم، وهذا هو الحل في إذلال الكفار أن ترجعوا إلى دينكم ليس أن تتشبهوا بالكفار، ومخالفة هديه –صلى الله عليه وسلم- بالمقاطعات، والمظاهرات وغيرها ليس من نصرة الرسول –صلى الله عليه وسلم- نشر الشعارات التي مكتوب فيها " إلا محمدٌ"، وهي عبارةٌ لا تجوز فليس تحريم السب مقتصرًا على نبينا وحده بل سبّ الله، وسبّ صحابته وأتباعه، وسبّ دينه، وسب العلماء والعبّاد وغير هؤلاء, ليست نصرة الرسول –صلى الله عليه وسلم- بالتفجيرات، والاغتيالات، وقتل الأبرياء والنساء, ليس من نصرة الرسول –صلى الله عليه وسلم- نقض العهود والمواثيق، وإخفار ذمّة أولي الأمر, ليس نصرة الرسول –صلى الله عليه وسلم- تشويه صورة الإسلام بالغدر والخيانة وأهله، إن نصرة الرسول –صلى الله عليه وسلم- هو بالرجوع إلى الدّين والتمسك بهديه وسنته -عليه الصلاة والسلام- إن كنت تريد نصرة نبينا -عليه الصلاة والسلام- صدقًا وحقًا فاقتدِ به، واتبعه، واعمل بحقوقه تريد نصرة الرسول    -صلى الله عليه وسلم- حافظ على الصلوات حيث ينادى بها، واعمل بأوامره، وابتعد عن نواهيه, تريد نصرة الرسول –صلى الله عليه وسلم- حافظ على صلاة الفجر في المسجد، واعمل بسنته، واترك المحدثات والبدع وكل من يدعوا إليها, هذه هي نصرة النبي -عليه الصلاة والسلام-, أمــــا نصرته بالتشبه بالكفار في أفعالهم في نصرة بعضهم بعضًا فإن هذا خذلان، وليس من نصرة نبينا -عليه الصلاة والسلام- عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلًّا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم» للأسف تجد بعض من ينتسب إلى الإسلام يستهزأ بنبيه -عليه الصلاة والسلام- وهو لا يعلم، وذلك حين يستهزأ بسنته -صلى الله عليه وسلم- فبعضهم يسخر من تقصير الثياب، وبعضهم يستهزأ من إطالة اللحية وغير ذلك من السنن، وهذا من الاستهزاء بنبينا -عليه الصلاة والسلام-، وبدينه؛ لأنه هو الذي شرع لنا ذلك وأمرنا به, فانتبهوا عباد الله وعودوا إلى ربكم، واتبعوا نبيكم تعود لكم عزتكم اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات اللهم أعز دينك، اللهم أعزّ دينك، وأعلِ كلمتك اللهم من أرادنا وأراد المسلمين بسوء فأشغله بنفسه، واجعل تدميره في تدبيره اللهم من استهزأ بنبينا -عليه الصلاة والسلام- اللهم فشل يمينه واخسف به الأرض وأرنا فيه عجائب فدرتك يا سميع الدعاء اللهم وفق ولاة أمورنا لما تحب وترضى وارزقهم البطانة الصالحة التي تدلهم على الخير وتحثهم عليه ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقِنا عذاب النار وصلى الله وسلم على نبينا محمد.