أعمال وأقوال بها يكفر الله الذنوب
أعمال وأقوال بها يكفر الله الذنوب
  | 2994   |   طباعة الصفحة


  • خطبة بعنوان: أعمال وأقوال بها يكفر الله الذنوب.
  • ألقاها الشيخ الدكتور: خالد بن ضحوي الظفيري - حفظه الله تعالى.
  • المكان: خطبة في يوم 17 جمادي الأول 1445هـ في مسجد السعيدي بالجهرا.

 
  • الخطبة الأولى:
إِنَّ الحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ ونَسْتَعِينُهُ ونَسْتَغْفِرُهُ، ونَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا ومِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، ومَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران:102].
  • عباد الله:
لما علم الله تعالى ضعف العبد وعجزه، وتقصيره في حق ربه، وأن ابن آدم كلهم خطاؤون، وفي جنب الله مقصرون، جعل الله تعالى من رحمته بعباده أعمالا وأقوالا مكفرات للذنوب وهي يسيرة على من وفقه الله تعالى واجتهد في فعل أسبابها والبعد عما يضادها، فبادر أيها الراغب برحمة الله وعفوه فأبواب هذه الأعمال مشرّعة تنتظر الداخلين فيها ليكونوا من أهلها. وإن أعظم هذه المكفرات للذنوب تحقيقَ التوحيدِ فمن حقَّقَ التوحيدَ كما شرع الله كُفّرت عنه ذنوبُه بل التوحيُد من أسباب دخول الجنة بغير حسابٍ ولا عذاب، فقد أخبر صلى الله عليه وسلم أن سبعين ألفاً من هذه الأمة يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب، ممن حقق التوحيد فكان قلبه مليئا بالإخلاص والتوكل على الله وحده لا يلتفت قلبه إلى مخلوق، ومن لقي الله بالتوحيد غفر الله له ذنوبه، فعن أنس t سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (قال الله تعالى: يا ابن آدم؛ لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة) رواه الترمذي وحسنه.
  • عباد الله:
ومن المكفرات للخطيئات والماحيات للسيئات بل التي تَقْلِبُها إلى حسنات: التوبةُ النصوحُ إلى الله تعالى التي يكون العبد فيها مخلصًا لله نادمًا على ما اقترفَ غيرَ مصرٍّ عليه عازمًا على عدم الرجوع أبدًا إلى الذنب مع إرجاع الحقوق إلى إليها، فتلك التوبة هي التوبة المقبولة، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَار)، فالذنوب ولو بلغت عنان السماء فرحمة الله أوسع وفضل الله أعظم، (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ).
  • عباد الله:
أداء العبادات على الوجه الأكمل من أعظم مكفرات الذنوب، فالوضوء وإسباغه من المكفرات، فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ t أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا تَوَضَّأَ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ -أَوِ الْمُؤْمِنُ- فَغَسَلَ وَجْهَهُ خَرَجَ مِنْ وَجْهِهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ نَظَرَ إِلَيْهَا بِعَيْنَيْهِ مَعَ الْمَاءِ -أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ-، فَإِذَا غَسَلَ يَدَيْهِ خَرَجَ مِنْ يَدَيْهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ كَانَ بَطَشَتْهَا يَدَاهُ مَعَ الْمَاءِ -أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ-، فَإِذَا غَسَلَ رِجْلَيْهِ خَرَجَتْ كُلُّ خَطِيئَةٍ مَشَتْهَا رِجْلاَهُ مَعَ الْمَاءِ -أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ-، حَتَّى يَخْرُجَ نَقِيًّا مِنَ الذُّنُوبِ» [رواه مسلم]، ومنها المحافظة على الصلوات والمشي إلى المساجد والجلوس فيها، فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ t أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَلاَ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ». قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: «إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلاَةِ بَعْدَ الصَّلاَةِ، فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ». [رواه مسلم]. والصوات الخمس والجمعة ورمضان من أعظم المكفرات، فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ t أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ: «الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ» [رواه مسلم]. وإذا سمعت المؤذن يا عبدالله فقل ما علمك رسول الله صلى الله عليه وسلم يغفر لك ذنبك، فعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ t عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ الْمُؤَذِّنَ: أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ رَضِيتُ بِاللَّهِ رَبًّا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولاً وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا. غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ» [رواه مسلم]. وشهود صلاة الجمعة والاستماع للخطبة من المكفرات، فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ t قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ أَتَى الْجُمُعَةَ فَاسْتَمَعَ وَأَنْصَتَ غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ وَزِيَادَةُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ وَمَنْ مَسَّ الْحَصَى فَقَدْ لَغَا». [رواه مسلم]. ومما يَغْفر ما تقدَّم من الذنوب صلاةُ ركعتين خاشعتين بعد وضوءٍ حسنٍ، فعَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الجهني t أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لاَ يَسْهُو فِيهِمَا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». رواه أبو داود. والأعمال المكفرات في الكتاب والسنة كثيرة شرعها الله تعالى لعباده لينفعوا أنفسهم ويغفروا ذنوبهم ويرفعوا درجاتهم، ولكن أين المشمِّرون؟! وأين السابقون؟!، ولا تحقرن من المعروف شيئًا، فقد غَفَر الله لبَغِيٍّ من بني إسرائيل سقت كلبا، وشَكَرَ اللهُ لرجلٍ أزال غصن شوك عن طريق المسلمين وغَفَرَ له، فاللهم اغفر لنا وتجاوز عنا وعن والدينا. أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ، إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.
  • الخطبة الثانية
الحَمْدُ للهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنِ اتَّبَعَ هُدَاهُ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
  • أَمَّا بَعْدُ:
فَأُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ، فَمَنِ اتَّقَى اللهَ وَقَاهُ، وَنَصَرَهُ وَكَفَاهُ.
  • عِبادَ اللهِ:
أكثروا من ذكر الله واستغفروه وسبحوه بكرة وأصيلا، فالذكر فضله عظيم وثوابه عميم، فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ t أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ. في يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ حُطَّتْ خَطَايَاهُ ، وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ» [متفق عليه]. وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ t عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَبَّحَ اللَّهَ في دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ وَحَمِدَ اللَّهَ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ وَكَبَّرَ اللَّهَ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ فَتِلْكَ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ وَقَالَ تَمَامَ الْمِائَةِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شيء قَدِيرٌ. غُفِرَتْ خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ». [رواه مسلم]. ومن عظيم فضل الله على عبده أن يكفر عنه خطاياه بما لا دخل له فيه من المصائب والأحزان والأمراض إذا قابلها بالصبر فأمر المؤمن كله له خير، فعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مِنْ شَوْكَةٍ فَمَا فَوْقَهَا إِلاَّ رَفَعَهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً أَوْ حَطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةً ». [رواه مسلم].
  • عِبادَ اللهِ:
هذه بعض المكفرات من الأعمال والأقوال ينبغي على المؤمن أن يحرص عليها ففيها الخير والثواب والبعد عن الشر والعقاب، ومن قرأ في السنة وبحث في فضائل الأعمال وجد من ذلك كثير، فإنعام الله على عباده لا يحصى، فأكثروا من الصالحات واجتهدوا في العبادات لتكونوا من أهل الجنات.