خطبة عيد الفطر 1445هـ
خطبة عيد الفطر 1445هـ
  | 1468   |   طباعة الصفحة


  • خطبة عيد الفطر 1445هـ
  • ألقاها الشيخ الدكتور: خالد بن ضحوي الظفيري - حفظه الله تعالى.
  • المكان: خطبة في يوم 1 شوال 1445هـ في مسجد السعيدي بالجهرا.

 
  • خطبة العيد
إِنَّ الحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ ونَسْتَعِينُهُ ونَسْتَغْفِرُهُ، ونَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا ومِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، ومَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ،  ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (.
  • أَمَّا بَعْدُ:
فنحمد الله تعالى على نعمةِ التَّمامِ لشهر الصيامِ والقيامِ، جعلنا الله وإياكم فيه من المقبولين، فلا غِنَى لنا عن رحمة الله وفضله وإنعامه علينا، ومن صفات أهل الإيمان أنهم يقدمون صالح الأعمال، ويجتهدون بالإحسان، وهم مع هذا يخافون من التقصير في حق الرحمن، فلا تغرُّهم أعمالُهم ولا يَفخَرُون بما قَدَّمُوا، بل يجتهدون ويستغفرون الله عن التَّقصير، )وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (، قال الحسن البصري: (إن المؤمن جمع إحسانًا وشفقةً، وإن المنافق جمع إساءةً وأمنًا)، وكانوا لقبول العمل أشد اهتمامًا منهم بالعمل، كما قال تعالى: ﴿إنما يتقبل الله من المتقين﴾، وعن أبي الدرداء t قال: (لأن أستيقن أن الله قد تقبل مني صلاة واحدة، أحبُّ إليّ من الدنيا وما فيها)، فألحّوا على الله تعالى بسؤاله القبول لما قدمتم من الطاعات، والثبات عليه إلى الممات.
  • الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
ومِن مِنَنِ الله تعالى على عباده بعد رمضان أن رزقهم عيد الفطر وما فيه من الخير، الذي هو فرحة للمسلمين على فطرهم، وختام خير لشهرهم، ففي يومه إلى الصلاة زكاة الفطر والتكبير والتهليل ثم صلاة العيد، وهكذا تستمر رحى العبادة لا يحول بينك وبينها إلا الموت، فأبواب الخيرات كثيرة ميسرة، وطرق البر ممهَّدة واسعة، فليستكثر المسلم من أنواع الطاعات ليرتفع عند الله درجات، ويعلو في منازل الجنات.
  • الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
لقد مرّ علينا موسمٌ عظيمٌ من مواسم الخيرات، وفُتِّحت لنا أبوابٌ كثيرةٌ من أبواب الحسنات، نَهَل منها المتقون، وسَارع إليها الطَّائعون، وغَفَل عنها المتكاسلون، وحُرم منها العاصون، فمن منّا يا عباد الله المقبول فنُهنِّيه، ومن هذا المحروم منا فنُعَزِّيه، أيَّها المقبول هنيئًا لك، وأيَّها المردود جَبَر الله مُصيبتك، فكم بيننا من حظّه فيه القبول والغفران، ومن كان حظَّه فيه الخيبة والخسران؟!، رُبَّ قائمٍ حظُّه من قيامه السهر، وصائم حظَّه من صيامه الجوع والعطش، نسأل الله القبول لنا ولكم.
  • الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
إنَّه وإن انتهت هذه المواسم بما فيها من الطاعات، فإنَّ عُمُرَ المؤمن كله طاعة، وحياته كلها عبادة، فإنَّ الله ما خلق الإنس والجِن إلا لعبادته وحده لا شريك له: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾؛ وقد أمرنا الله ورسوله بالاستقامة على الطاعة والثبات عليها إلى الممات، فالمؤمن لا ينتهي عنه العمل إلا إذا جاء الأجل، ﴿وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ﴾، ومن رُزق الثبات والاستقامة، فإن هذا من أعظم الإنعام والكرامة، قال تعالى: ﴿فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾. وَعَنْ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللهِ الثَّقَفِيِّ t قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، قُلْ لِي فِي الإِسْلَامِ قَوْلًا لَا أَسْأَلُ عَنْهُ أَحَدًا بَعْدَكَ. قَالَ: »قُلْ: آمَنْتُ بِاللهِ ثُمَّ اسْتَقِمْ« [رَوَاهُ مُسْلِمٌ]. قَالَ شيخ الإسلام ابْنُ تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ اللهُ: (أَعْظَمُ الْكَرَامَةِ لُزُومُ الِاسْتِقَامَةِ).
  • الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
إن من أعظم ما ينبغي الاعتناء به من الأسباب التي تثبت العبد على دين الله وسنة رسوله هو: سُؤَالَ اللهِ الثَّبَاتَ، وَالْإِلْحَاحَ عليه فِي الدُّعَاءِ أن يثبتك ويحسن خاتمتك، وَأَلَّا يَزِيغَ قلبك بعد الهدى، وقد أرشدنا الله تعالى إلى هذا الدعاء بقوله: )رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ(. وَعَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ t قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يَقُولُ: »يَا مُثَـبِّتَ الْقُلُوبِ، ثَـبِّتْ قُلُوبَنَا عَلَى دِينِكَ« [رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ].
  • ---------------((((هنا يفصل من يرى أنها خطبتان))))-------------
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد. احذروا عباد الله من ترك العبادة وهجر القرآن والمساجد بعد رمضان، فترجعوا من الهداية إلى الغواية، ومن الإيمان إلى العصيان، فالعبرة بالخواتيم، )وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا(. فيا من كان يحافظ على الصلوات في رمضان احذر الكسل عنها بعده فرب رمضان هو رب الشهور كلها، ويا من كنت تقرأ القرآن إياك وهجره فتكون من الخاسرين، فاجتهدوا أيها المسلمون في فعل الطاعات، واجتنبوا الخطايا والسيئات؛ لتفوزوا بالحياة الطيبة في الدنيا، والأجر الكثير بعد الممات. ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾.
  • الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
أيَّتُها المرأةُ المسلمةُ اتقي الله تعالى في واجباتكِ، وأحسِني إلى زوجك بالعِشْرَة الطَّيبة، وإلى أولادك بالتربية الإسلامية النَّافعة، واحفظي زوجك في عرضِهِ ومالِهِ وبيتِهِ، وارْعَيْ حقوق والديه وأقاربه وضيفه وجيرانه، ففي الحديث عن النبي : (إذا صلَّت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحفظت فرجها، وأطاعت زوجها، قيل لها: ادخُلي الجنَّة من أي أبوابها شئت)، واحذري دعاة الرذيلة وأهل الفجور والسفور، فإنَّ المرأةَ زينَتُها في دينِهَا وجمالها في حيائها، كَمَا على الرَّجال أن يتقوا الله في النساء، فإنهن أسيراتٍ عندَكم، فارفقوا بهنَّ وأحسنوا عشرتهن.
  • الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
واعلموا عباد الله أن من هدي النبي وسنته في هذا الشهر -ألا وهو شوال- أنه كان يصوم منه ستة أيام، ففي صحيح مسلمٍ عن أبي أيوب الأنصاري t أن النبي قال: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ»، وذلك أن الحسنة بعشر أمثالها فصيام رمضان يقابل صيام عشرة أشهر وصيام ستةٍ من شوال يقابل شهرين فكان ذلك تمام السنة وكأنما صام الدهر. وقد رتب النبي هذا الثواب على إتمام صيام رمضان؛ فمن كان عليه قضاء فليبادر بالقضاء، ثم يصوم الستة من شوال وسواءٌ صام هذه الست متقطعةً أو متصلة؛ فكل ذلك جائز، وليس من ذلك صيام يوم العيد الذي مضى فإن صيام يوم العيد محرمٌ ومنهيٌ عنه. اللهم تقبل منا صلاتنا وصيامنا، واجعل أعيادنا كلها أعياد خير وأمان وإيمان، اللهم احفظ بلادنا وولاة أمورنا من كل سوء، ووفقهم لتحكيم كتابك وسنة نبيك، وارزقهم البطانة الصالحة التي تدلهم على الخير وترشدهم إليه. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.