براهين ودلائل نبوة محمد ﷺ
براهين ودلائل نبوة محمد ﷺ
  | 2153   |   طباعة الصفحة


  • خطبة بعنوان: براهين ودلائل نبوة محمد صلى الله عليه وسلم.
  • ألقاها الشيخ الدكتور: خالد بن ضحوي الظفيري - حفظه الله تعالى.
  • المكان: خطبة في يوم 6 صفر 1444هـ في مسجد السعدي بالجهرا.

 
  • الخطبة الأولى:
إِنَّ الحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ ونَسْتَعِينُهُ ونَسْتَغْفِرُهُ، ونَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا ومِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، ومَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ،  ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ( [آل عمران:102]).
  • أَمَّا بَعْدُ:
لقد وردت أحاديث كثيرة وأخبار عديدة في بيان دلائل نبوة نبينا محمد  ما بين دليل على صدقه وإخباره بالمغيبات وإخباره بالحوادث الماضيات، وبين أفعالٍ معجزة ظهرت على يديه كلها دلائل على صدق نبوته، وأنه مرسل من عند الله. ولنا وقفة مع بعض هذه المعجزات والآيات والبراهين التي تجاوزت الألف معجزة كما ذكر أهل العلم. فمن ذلك، ما ورد من تكثير الماء وخروجه بين أصابعه: ومنها ما جاء عن جَابِرِ بن عبد اللَّهِ رضي الله عنهما قال عَطِشَ الناس يوم الْحُدَيْبِيَةِ وَالنَّبِيُّ ﷺ بين يَدَيْهِ رِكْوَةٌ فَتَوَضَّأَ فَجَهِشَ الناس نَحْوَهُ فقال ما لَكُمْ قالوا ليس عِنْدَنَا مَاءٌ نَتَوَضَّأُ ولا نَشْرَبُ إلا ما بين يَدَيْكَ فَوَضَعَ يَدَهُ في الرِّكْوَةِ فَجَعَلَ الْمَاءُ يَثُورُ بين أَصَابِعِهِ كَأَمْثَالِ الْعُيُونِ فَشَرِبْنَا وَتَوَضَّأْنَا قلت كَمْ كُنْتُمْ قال لو كنا مِائَةَ أَلْفٍ لَكَفَانَا كنا خَمْسَ عَشْرَةَ مِائَةً عن عبد اللَّهِ بن مسعود قال كنا نَعُدُّ الْآيَاتِ بَرَكَةً وَأَنْتُمْ تَعُدُّونَهَا تَخْوِيفًا كنا مع رسول اللَّهِ ﷺفي سَفَرٍ فَقَلَّ الْمَاءُ فقال اطْلُبُوا فَضْلَةً من مَاءٍ فجاؤوا بِإِنَاءٍ فيه مَاءٌ قَلِيلٌ فَأَدْخَلَ يَدَهُ في الْإِنَاءِ ثُمَّ قال حَيَّ على الطَّهُورِ الْمُبَارَكِ وَالْبَرَكَةُ من اللَّهِ فَلَقَدْ رأيت الْمَاءَ يَنْبُعُ من بَيْنِ أَصَابِعِ رسول اللَّهِ  وَلَقَدْ كنا نَسْمَعُ تَسْبِيحَ الطَّعَامِ وهو يُؤْكَلُ وكذلك ما ورد في تكثير الطعام: عن أَنَسَ بن مَالِكٍ يقول قال أبو طَلْحَةَ لِأُمِّ سُلَيْمٍ لقد سمعت صَوْتَ رسول اللَّهِ  ﷺ ضَعِيفًا أَعْرِفُ فيه الْجُوعَ فَهَلْ عِنْدَكِ من شَيْءٍ قالت نعم فَأَخْرَجَتْ أَقْرَاصًا من شَعِيرٍ ثُمَّ أَخْرَجَتْ خِمَارًا لها فَلَفَّتْ الْخُبْزَ بِبَعْضِهِ ثُمَّ دَسَّتْهُ تَحْتَ يَدِي وَلَاثَتْنِي بِبَعْضِهِ ثُمَّ أَرْسَلَتْنِي إلى رسول اللَّهِ ﷺ  قال فَذَهَبْتُ بِهِ فَوَجَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ  ﷺ في الْمَسْجِدِ وَمَعَهُ الناس فَقُمْتُ عليهم فقال لي رسول اللَّهِ  ﷺ آرْسَلَكَ أبو طَلْحَةَ فقلت نعم قال بِطَعَامٍ فقلت نعم فقال رسول اللَّهِ  ﷺ لِمَنْ معه قُومُوا فَانْطَلَقَ وَانْطَلَقْتُ بين أَيْدِيهِمْ حتى جِئْتُ أَبَا طَلْحَةَ فَأَخْبَرْتُهُ فقال أبو طَلْحَةَ يا أُمَّ سُلَيْمٍ قد جاء رسول اللَّهِ  بِالنَّاسِ وَلَيْسَ عِنْدَنَا ما نُطْعِمُهُمْ فقالت الله وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ فَانْطَلَقَ أبو طَلْحَةَ حتى لَقِيَ رَسُولَ اللَّهِ  ﷺ  فَأَقْبَلَ رسول اللَّهِ  ﷺوأبو طَلْحَةَ معه فقال رسول اللَّهِ  ﷺ هَلُمِّي يا أُمَّ سُلَيْمٍ ما عِنْدَكِ فَأَتَتْ بِذَلِكَ الْخُبْزِ فَأَمَرَ بِهِ رسول اللَّهِ  ﷺ فَفُتَّ وَعَصَرَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ عُكَّةً فَأَدَمَتْهُ ثُمَّ قال رسول اللَّهِ ﷺفيه ما شَاءَ الله أَنْ يَقُولَ ثُمَّ قال ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ فَأَذِنَ لهم فَأَكَلُوا حتى شَبِعُوا ثُمَّ خَرَجُوا ثُمَّ قال ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ فَأَذِنَ لهم فَأَكَلُوا حتى شَبِعُوا ثُمَّ خَرَجُوا ثُمَّ قال ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ فَأَذِنَ لهم فَأَكَلُوا حتى شَبِعُوا ثُمَّ خَرَجُوا ثُمَّ قال ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ فَأَكَلَ الْقَوْمُ كلهم وَشَبِعُوا وَالْقَوْمُ سَبْعُونَ أو ثَمَانُونَ رَجُلًا وطلبه للمطر واستجابة الله له: عن أَنَسٍ رضي الله عنه قال أَصَابَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ قَحْطٌ على عَهْدِ رسول اللَّهِ  ﷺ فَبَيْنَا هو يَخْطُبُ يوم جُمُعَةٍ إِذْ قام رَجُلٌ فقال يا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكَتْ الْكُرَاعُ هَلَكَتْ الشَّاءُ فَادْعُ اللَّهَ يَسْقِينَا فَمَدَّ يَدَيْهِ وَدَعَا قال أَنَسٌ وَإِنَّ السَّمَاءَ لَمِثْلُ الزُّجَاجَةِ فَهَاجَتْ رِيحٌ أَنْشَأَتْ سَحَابًا ثُمَّ اجْتَمَعَ ثُمَّ أَرْسَلَتْ السَّمَاءُ عَزَالِيَهَا فَخَرَجْنَا نَخُوضُ الْمَاءَ حتى أَتَيْنَا مَنَازِلَنَا فلم نَزَلْ نُمْطَرُ إلى الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى فَقَامَ إليه ذلك الرَّجُلُ أو غَيْرُهُ فقال يا رَسُولَ اللَّهِ تَهَدَّمَتْ الْبُيُوتُ فَادْعُ اللَّهَ يَحْبِسْهُ فَتَبَسَّمَ ثُمَّ قال حَوَالَيْنَا ولا عَلَيْنَا فَنَظَرْتُ إلى السَّحَابِ تَصَدَّعَ حَوْلَ الْمَدِينَةِ كَأَنَّهُ إِكْلِيلٌ وكذلك الجذع من الشجرة التي كان يخطب عليها بكت حين فارقها رسول الله جَابِرِ بن عبد اللَّهِ رضي الله عنهما أَنَّ النبي  ﷺ كان يَقُومُ يوم الْجُمُعَةِ إلى شَجَرَةٍ أو نَخْلَةٍ فقالت امْرَأَةٌ من الْأَنْصَارِ أو رَجُلٌ يا رَسُولَ اللَّهِ ألا نَجْعَلُ لك مِنْبَرًا قال إن شِئْتُمْ فَجَعَلُوا له مِنْبَرًا فلما كان يوم الْجُمُعَةِ دُفِعَ إلى الْمِنْبَرِ فَصَاحَتْ النَّخْلَةُ صِيَاحَ الصَّبِيِّ ثُمَّ نَزَلَ النبي  ﷺفضمها إليه تَئِنُّ أَنِينَ الصَّبِيِّ الذي يُسَكَّنُ قال كانت تَبْكِي على ما كانت تَسْمَعُ من الذِّكْرِ عِنْدَهَا وفي لفظ: فَوَضَعَ يَدَهُ عليها فَسَكَنَتْ وتسليم الحجر عليه: فعن جَابِرِ بن سَمُرَةَ قال قال رسول اللَّهِ  ﷺ إني لَأَعْرِفُ حَجَرًا بِمَكَّةَ كان يُسَلِّمُ عَلَيَّ قبل أَنْ أُبْعَثَ إني لَأَعْرِفُهُ الْآنَ ومن دلائل نبوته: أنه دعا لأنس بن مالك أن يكثر الله تعالى ماله وولده فكان نخله يحمل في السنة مرتين خلاف عادة بلده، ورأى من ولده وولد ولده أكثر من مائة فآمنوا عباد الله برسول الله وصدقوا برسالته، ولا تكفروا به، كرروا وقولوا نشهد أن محمداً رسول الله، ولكن لا يكفي فقط القول بل لابد في الشهادة من أمور أربعة: وهي تصديقه فيما أخبر، وطاعته فيما أمر، والانتهاء عما نهى عنه وزجر وأن نعبد الله بما شرع لا بالأهواء والبدع. واسمعوا معي هذا الخبر وكيف عاقبة من كفر برسول الله خير البشر، عن أَنَسٍ رضي الله عنه قال كان رَجُلٌ نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمَ وَقَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ فَكَانَ يَكْتُبُ لِلنَّبِيِّ  ﷺ فَعَادَ نَصْرَانِيًّا فَكَانَ يقول ما يَدْرِي مُحَمَّدٌ إلا ما كَتَبْتُ له فَأَمَاتَهُ الله فَدَفَنُوهُ فَأَصْبَحَ وقد لَفَظَتْهُ الْأَرْضُ فَقَالُوا هذا فِعْلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ لَمَّا هَرَبَ منهم نَبَشُوا عن صَاحِبِنَا فَأَلْقَوْهُ فَحَفَرُوا له فَأَعْمَقُوا فَأَصْبَحَ وقد لَفَظَتْهُ الْأَرْضُ فَقَالُوا هذا فِعْلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ نَبَشُوا عن صَاحِبِنَا لَمَّا هَرَبَ منهم فَأَلْقَوْهُ فَحَفَرُوا له وَأَعْمَقُوا له في الأرض ما اسْتَطَاعُوا فَأَصْبَحَ قد لَفَظَتْهُ الْأَرْضُ فَعَلِمُوا أَنَّهُ ليس من الناس فَأَلْقَوْهُ. رواه البخاري اللهم ثبتنا على الشهادتين إلى أن نلقاك ، والحمد لله رب العالمين.  
  • الخطبة الثانية
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه
  • أما بعد:
  • عباد الله:
إن أعظم آيات وبراهين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هو القرآن العظيم؛ لأن كل نبي تكون آية ومعجزة مناسبة لحال قومه، ولما كانت العرب أرباب الفصاحة والبلاغة وفرسان الكلام والخطابة؛ جعل الله - سبحانه - آية نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هي القرآن الكريم الذي {لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ}، فهو معجز في لفظه وبيانه وأخباره وأحكامه، وقد تحدى الله الإنس والجن مجتمعين أن يأتوا بمثله أو بعشر سور منه، أو بسورة منه؛ فما استطاع أحد منهم منذ بعثة محمد صلى الله عليه وسلم إلى عصرنا هذا؛ وإلى الأبد، على الرغم من كثرة الأعداء لدين الإسلام. قال تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لا يُؤْمِنُونَ فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ}.
  • عباد الله:
إن إثبات نبوة النبي محمد  لا تقتصر فقط على المعجزات، بل هناك دلائل كثيرة ومتنوعة، فلإثبات النبوة مسالك متعدده، فمنها ظهور المعجزات الكثيرة على يديه، وكذلك أخلاقه وأوصافه ، وكذلك ما اشتملت عليه شريعته ، وظهوره بين قوم وثنيين وظهور دينه على سائر الأديان في مدة قليله، وكذلك ظهوره في وقت كان الناس بحاجة إليه، وكذلك إخبار الأنبياء المتقدمين عليه عن نبوته ، فقصرها على المعجزات فقط من مسالك أهل الكلام من المبتدعة. أكثروا عباد الله من الصلاة والسلام على رسول الله، فمن صلى عليه صلاة واحده صلى الله بها عليه عشراً......