تذكير أهل الإيمان بالنصف من رمضان
تذكير أهل الإيمان بالنصف من رمضان
  | 1422   |   طباعة الصفحة


  • خطبة بعنوان: تذكير أهل الإيمان بالنصف من رمضان.
  • ألقاها: الشيخ الدكتور خالد بن ضحوي الظفيري حفظه الله تعالى.
  • المكان: خطبة في يوم 14 رمضان 1435 هـ في مسجد السعدي بالجهرا.

 
  • الخطبة الأولى:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ان لا اله الا الله وحده لا شريك له وأشهد ان محمداً عبده ورسوله.
  •  أما بعد:
  فإن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم ـ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار،
  • أما بعد:
عباد الله، شهر رمضان شهر التلاوة والقرآن شهر تدبر آيات الفرقان، والإكثار من قراءة القرآن والحرص على ختمه، فهي من سنن الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فعلى العبد المؤمن أن يستغل هذا الشهر الكريم، وعلى حُفاظ القرآن أن يحرصوا على مراجعته ولا ينسوه، فإن القرآن إذا لم يتعاهدهُ الحافظ نسيه سريعا، يقول -عليه الصلاة والسلام-: "إنما مثل صاحب القرآن كمثل الإبل المعلقة إن عاهد عليها أمسكها وإن أطلقها ذهبت"  متفق عليه. وزاد مسلم في رواية: "وإذا قام صاحبُ القرآن فقرأه بالليل والنهار ذكره وإن لم يقم به نسيه". عباد الله: لقد شرفكم الله تبارك وتعالى بهذا الكتاب المبارك، فتدبروا آياته، وتفكروا في بيناته، وقفوا عند عظاته، واعملوا بأحكامه، وصدقوا أخباره وقَصَصه، واقرءوه قراءة متدبر متأن، وإياكم والهذ وهي القراءة السريعة التي لا يفقه منها الإنسان شيئًا، عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أن رجلا قال له: إني لا أقرأ المفصل في ركعة، فقال بن مسعود -رضي الله عنه-: هذا كهز الشعر إن قوما يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم، ولكن إذا وقع في القلب فرسخَ فيه نفع" رواه مسلم، وقال -رضي الله عنه-: لا تهذوا القرآن هذ الشعر، ولا تنثروه نثر الدقل قفوا عند عجائبه وحركوا به القلوب ولا يكن هم أحدكم آخر السورة. عباد الله لقد كان السلف الكرام - عليهم من الله الرضوان - يكثرون من ختم القرآن، فإذا جاء رمضان ازدادوا من ذلك لشرف الزمان، "وكان جبريل عليه السلام يلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم -في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن"متفق عليه، وفي آخر عام من حياته -عليه الصلاة والسلام- عارضه جبريل القرآن مرتين، عباد الله شهر رمضان شهر العتق من النيران شهر فكاك الرقاب من دار الشقاء والحرمان، فعن أبي أمامة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لله -عز وجل- عند كل فطرٍ عتقاء" وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " إن لله تبارك وتعالى عتقاء في كل يوم وليلة "؛ يعني في رمضان، وإن لكل مسلم في كل يوم وليلة دعوة مستجابة عباد الله استغلوا هذا الشهر بالرجوع إلى الله، فهذا أوان التوبة والاستغفار والأوبة والانكسار أقصدوا باب التوبة تجدوه مفتوحا على مصراعيه لا يغلق؛ حتى تطلع الشمس من مغربها ولا تقل ذنوبي كثيرة، فلو بلغت ذنوبك عنان السماء كثرة وما انتهى إليه البصر من الفضاء، فإن الله يتوب على التائب بشرط أن يقلع عن الذنب ويندم على فعله، ويعزم على عدم العودة إليه يقول -صلى الله عليه وسلم- في الحديث القدسي: "قال الله تعالى يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء، ثم استغفرتني غفرت لك يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض ثم لاقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة"، عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه-قال: قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: " إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها ".
  • عباد الله:
إن من الذنوب الذي ابتلي بها كثير من المسلمين وهم عليها مصرون ذنب يدخل في أنفاسهم ويمشي في دمائهم يحرمهم كثيرا من الخيرات، ويجلب عليهم كثيراً من الزلات ألا وهو التدخين فيا أيها المدخنون أبعدوا هذا الخبيث عن أفواهكم ولا تجعلوه من أعمالكم فكم جلب عليكم من الذنوب وأنتم لا تشعرون استغلوا هذا الشهر في الإقلاع عنه، فأنت تستطيع ذلك منعت نفسك عنه، النهار كله طاعة لله -عز وجل- فما بالك ترجع إليه في الليل، إنما امتناعك عنه في النهار يدل على قدرتك وأن المسألة مسألة عزيمة وإصرار، فإن عزمت فتوكل على الله واطرد هذا الخبيث عنك وعن بيتك، ومن تدبر ما يؤدي إليه هذا التدخين من الذنوب علم خبثه وخطورته، فالناس في رمضان يفطرون على الطيبات وهو يفطر على هذا الدخان الخبيث فيختم صيامه على ذنبٍ ويبدأه في السحور على ذنبٍ يحرمك التدخين الصحةَ الطيبة والرائحةَ الطيبة فيتأذى منك الناس في المجالس والمساجد وحتى الملائكة فإنها تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم، فالتدخين يكدر عليك صفو عبادتك، ففي الحج مثلا يرجع الناس من ذنوبهم كيوم ولدته أمهاتهم لمن حج ولم يرفث ولم يفسق، والمدخن في الحج حرم نفسه هذا الأجر المخصوص حيث أنه عصى الله بالتدخين فحصل منه الفسوق؛ لأن الفسوق هو الخروج عن طاعة الله -عز وجل-، فكان التدخين سبب لحرمانه هذا الثواب العظيم، فنصيحتي لكم عباد الله أن تجتنبوا هذا الخبيث، وتبذلوا أسباب ذلك من الابتعاد عن المدخنين، والعزيمة والاستعانة بالله واللجوء إليه بالدعاء بأن يخلصكم منه، فمن أحب النجاة فليبتعد عن أسباب غضب الله، وليتبع رسول الله، يقول -عز وجل-: { الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ}[الأعراف: 157] فعليكم بالطيبات واجتنبوا الخبائث أقول ما تسمعون واستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .  
  • الخطبة الثانية:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه أما بعد:  
  • عباد الله:
فإن من المحدثات التي ستحصل في هذه الأيام القريبة ما يسمى القرقيعان، وهذه عادة مخالفة للشرع يجب الحذر والتحذير منها فيحصل فيها تعويد الأطفال على سؤال الناس والتسول، وهذا أمر منهي عنه شرعا وفيها الإسراف الكثير مما نشاهده في المحلات وغير ذلك من ملابس مخصصة وحلويات أسرفوا في تسعيرها، وهذا كله من الإسراف للمال على غير وجه جائز شرعا، بل إن هذه الأيام يحتفل بها الروافض بعيد ميلاد الحسن بن علي -رضي الله عنه- فيجب عدم التشبه بهم والابتعاد عنهم، فقد يكون أصل هذا الاحتفال من هؤلاء لذلك لا يجوز التشبه بهم، ثم أنه من الأمور التي تشغلك في رمضان عن عبادة الرحمن إلى أسواق الشيطان، وقد أفتت اللجنة الدائمة وعلى رأسهم سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله تعالى- عن حكم هذا الاحتفال، فقالت: بأن الاحتفال في ليلة الخامس عشر من رمضان أو في غيرها بمناسبة ما يسمى مهرجان القرقيعان بدعة لا أصل لها في الإسلام وكل بدعة ضلالة، فيجب تركها والتحذير منها، ولا تجوز إقامتها في أي مكان، والمشروع في ليالي رمضان بعد العناية بالفرائض الاجتهاد بالقيام وتلاوة القرآن والدعاء والله الموفق انتهى كلامهم. فعليكم عباد الله بالابتعاد عن سبب غضب الله وعن أسباب غضب الله والسعي إلى أسباب مرضاته، اللهم تقبل صيامنا، اللهم تقبل قيامنا، اللهم استجب دعاءنا، اللهم اجعلنا من عتقاءك في هذا الشهر يا رب العالمين، اللهم اغفر لنا ولوالدينا وللمؤمنين والمؤمنان الأحياء منهم والأموات، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار،، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.