خطبة عيد الأضحى 1441هـ
خطبة عيد الأضحى 1441هـ
  | 12098   |   طباعة الصفحة


  • خطبة عيد الأضحى المبارك 1441هـ.
  • القاها: الشيخ الدكتور خالد بن ضحوي الظفيري حفظه الله تعالى.
  • المكان: خطبة في يوم 10 ذي الحجة - عام 1441هـ في مسجد السعيدي.

 
  • الخطبة :
الحَمْدُ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ عَلَى مَا مَنَّ بِهِ عَلَيْنَا مِنْ مَوَاسِمِ الخَيْرَاتِ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ مُسْبِــغُ النِّعَمِ وَدَافِعُ النِّقَمِ وَمُفَرِّجُ الكُرُبَاتِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ مَا دَامَتِ الأَرْضُ وَالسَّمَاوَاتُ. أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ- فَإِنَّ تَقْوَى اللهِ خَيْرُ عَاصِمٍ مِنَ المُحَرَّمَاتِ، وَأَفْضَلُ مَا يُسْتَعَانُ بِهِ فِي الطَّاعَاتِ، قَالَ تَعَالَى: ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ( [آل عمران:102]. اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الحَمْدُ. عِبَادَ اللهِ: إِنَّ يَوْمَكُمْ هَذَا هُوَ يَوْمُ الحَجِّ الأَكْبَرِ وَهُوَ يَوْمُ النَّحْرِ وَالأَضْحَى، وَهُوَ مِنْ أيام اللهِ العظام، وَهُوَ عِيدُنَا أَهْلَ الإِسْلَامِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَبَا بَكْرٍ، إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا وَهَذَا عِيدُنَا» [أخرجه البخاري]. فِي هَذَا اليَوْمِ يَتَجَلَّى شُكْرُ اللهِ عَلَى نِعَمِهِ، وَحَمْدُهُ عَلَى آلائِهِ، وَإِنَّ مِنْ صُورِ شُكْرِهِ سُبحانَهُ وَمِنْ أَعْظَمِ مَا يَتَقَرَّبُ بِهِ العَبْدُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي هَذَا اليَوْمِ وَالأَيَّامِ الَّتِي تَلِيهِ؛ ذَبْحَ الأَضَاحِيِّ، فَإِنَّها عِبَادَةٌ جَلِيلَةٌ قَرَنَهَا اللهُ مَعَ الصَّلَاةِ فِي مَوَاضِعَ في كِتَابِهِ، مِمَّا يَدُلُّ عَلَى مَكَانَتِهَا، قَالَ تَعَالَى: ) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ( [الكوثر:2]، وَقَالَ تَعَالَى: ) قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ ۖ وَبِذَٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ  ( [الأنعام:162-163]. وعَنِ البَرَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: خَطَبَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ النَّحْرِ، قَالَ: «إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ بِهِ فِي يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّيَ، ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا، وَمَنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ، فَإِنَّمَا هُوَ لَحْمٌ عَجَّلَهُ لِأَهْلِهِ لَيْسَ مِنَ النُّسُكِ فِي شَيْءٍ».[أخرجه البخاري]. وَلَا تُجْزِئُ الأَضَاحِيُّ إِلَّا مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ، وَهِيَ الإِبِلُ وَالبَقَرُ وَالغَنَمُ، وَمِنْ شُرُوطِهَا: أَنْ تَكُونَ سَالِمَةً مِنَ العُيُوبِ المَانِعَةِ مِنَ الإِجْزَاءِ، قَالَ صلى الله عليه وسلم: «أَرْبَعَةٌ لَا يُجْزِينَ فِي الأَضَاحِيِّ: الْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا، وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا، وَالْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ ظَلَعُهَا، وَالْكَسِيرَةُ الَّتِي لَا تُنْقِي» [رَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه]. ومن الشروط أيضاً: أن تكون الأضحية قد بلغت السن المعتبرة شرعاً: وهي خمس سنينفي الأبل، وسنتان في البقر، وسنة في الماعز، ونصف سنة في الضأن. ومن الشروط أيضاً: أن تذبح في الوقت المحدد شرعاً: وهو بعد الفراغ من صلاة العيد إلى آخر أيام التشريق وهو اليوم الثالث عشر من ذي الحجة، وعليه فتكون أيام الذبح أربعة: يوم العيد وثلاثة أيام بعده، ويجوز الذبح ليلاً ونهاراً، والسنة أن يأكل المرءُ من أضحيته وأن يتصدق منها، وأن يهدي كذلك، قال تعالي:  ) فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ ( [الحج 28]. والأضحية تكون عن الرجل وأهل بيته، ويسن لمن وسع الله عليه أن يستكثر من الأضاحي تقرباً إلى الله وطمعاً في ثوابه، ويقول بعد التسمية (( اللهم هذا منك وإليك، اللهم تقبله مني ومن أهل بيتي)). اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الحَمْدُ. إن أعظمَ ما يجبُ الوصيةُ به بعدَ والعملُ بمقتضاه، هو الوصية بتوحيد الله في الوهيته وربوبيته وأسمائه وصفاته، ونحذر الشرك صغيره وكبيره، فهو الظلم الأعظم الذي لا يغفره الله تعالى ) إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ  ( [ النساء 48 ]. اجتهدوا في اتباع السنة والسير على هدي رسول الله  صلى الله عليه وسلم والعمل بشرعه والبعد عن البدع والحذر والتحذير منها ومن أهلها، على شتى صورهم وأحزابهم وفرقهم، اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الحَمْدُ.   فَاتَّقُوا اللهَ –عِبَادَ اللهِ- وَأَكْثِرُوا مِنْ ذِكْرِهِ، وَإِظْهَارِ شُكْرِهِ وَتَعْظِيمِهِ، وَاجْتَهِدُوا فِي إِظْهَارِ التَّكْبِيرِ فِي أَدْبَارِ الصَّلَوَاتِ وغيرها ، َأَظْهِرُوا فَرَحَكُمْ - عِبَادَ اللهِ- فِي هَذِهِ الأَيَّامِ؛ فَهِيَ أَيَّامُ فَرَحٍ وَسُرُورٍ، وَهَنَاءٍ وَحُبُورٍ، وَصِلُوا أَرْحَامَكُمْ، وَأَحْسِنُوا إِلَى جِيرَانِكُمْ، وَتَوَدَّدُوا إِلَى إِخْوَانِكُمْ، وَوَسِّعُوا عَلَى أَبْنَائِكُمْ، مُرَاعِينَ الظُّروفَ الصِّحِّيَّةَ الَّتي يَمُرُّ بِها النَّاسُ مِنِ انْتشارِ هَذَا الوَباءِ -حَفِظَنا اللهُ جَميعًا مِنْهُ أجمعين- وَمُلْتَزِمينَ بذلك بالنَّصائِحِ وَالتَّوصياتِ الصِّحِّيَّةِ، مِنَ التَّباعُدِ، وَلُبْسِ الكِمامَةِ، وَتعْقيمِ الأَيْدِي، وَعدَمِ المُصَافَحَةِ وَالتَّقْبيلِ حِرْصًا عَلَى سَلامَتِنا وَأَهْلِنا وَسَلامَةِ الآخَرِينَ، أَكْثِرُوا رَحمكمُ اللهُ تَعالى مِنَ الاسْتغْفَارِ وَتَسلَّحُوا بِالتَّوبَةِ وَالإِنابَةِ، وَارْفَعُوا أَيديَكُمْ بِالتَّضرُّعِ وَالدُّعاءِ لِرَبِّ الأرْضِ وَالسَّماءِ بِأَنْ يَرْفَعَ عَنَّا هَذِهِ الجَائِحَةَ وَيَرُدَّ هَذا البَلاءَ، أَحْسِنُوا ظَنَّكُمْ بِاللهِ تَعَالى، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ تَعالَى قَريبٌ يُجيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعاهُ: دَعاهُ أَيَّوبُ فَشفاهُ، وَدَعاهُ زَكريَّا فَوهَبَ لَهُ الولدَ، وَدَعاهُ يونسُ فَأنْجاهُ، وَدَعاهُ نُوحٌ فَنَصرَهُ، وَدَعاهُ مُحمَّدٌ فَأظْهرَهُ وَأَعزَّهُ وَنَصَرهُ، عَلَيهِمْ وَعَلى نَبيِّنا أَفْضَلُ الصَّلاةِ وَأَتمُّ التَّسليمِ. عباد الله اجتمع لنا في يومنا هذا عيدان عيد الأضحى وعيد الأسبوع الجمعة، وإذا اجتمعا فإن من شهد هذه الصلاة صلاة العيد فإنه يرخص له في عدم حضور الجمعة لكن يصليها ظهراً في جماعة، ومن رغب شهود الجمعة في المساجد فهذا لا شك أنه أفضل، لأن النبيّ صلى الله عليه وسلم اختاره. اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الحَمْدُ. اللَّهُمَّ ارْفَعْ عَنَّا البَلَاءَ وَالوَبَاءَ، اللَّهُمَّ إِنّا نسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ وَعَمَلٍ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ وَعَمَلٍ، اللَّهمَّ وَفِّقْ أَمِيرَنَا لِهُدَاكَ، وَاجَعَلْ أعْمَالَهُ فِي رِضَاكَ، وأَلْبِسْهُ ثَوبَ الصِّحَّةِ وَالعَافِيةِ، وَمُنَّ عَلَيهِ بِدَوامِ الشِّفَاءِ، وَرُدَّهُ إِلى وَطَنِهِ وَأَبْنَائِهِ بِتَمامِ الصِّحَّةِ وَكَمالِ العَافِيَةِ، اللَّهمَّ وَوَفِّقْ وَلِيَّ عَهْدِهِ لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِناصِيَتِهِ لِلبِرِّ وَالتَّقْوَى، وَاجْعَلِ اللَّهُمَّ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً مُطْمَئِنّاً سَخَاءً رَخَاءً وَسَائِرَ بِلادِ الْمُسْلِمِينَ، كان السلف عباد الله يهنئون بعضهم بالعيد ويقولون تقبل الله منا ومنكم، ومن هنا نقول للجميع، تقبل الله منا ومنكم وأعاده الله علينا  وعليكم باليمن والبركات والمسرات والخيرات ، وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.