- خطبة عيد الأضحى 1445هـ مكتوبة.
- للشيخ الدكتور: خالد بن ضحوي الظفيري - حفظه الله تعالى.
- 10 ذي الحجة 1445هـ
إِنَّ الحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ ونَسْتَعِينُهُ ونَسْتَغْفِرُهُ، ونَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا ومِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، ومَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ،
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ).
فيا عباد الله: ها قَد مَنَّ اللهُ تعالى علينا ببلوغِ العشرِ من ذي الحجة خيرِ أيامِ العملِ الصالحِ، وها نحن في يوم عظيم من أيام الله وهو يوم النحر ويوم الحج الأكبر، وهو أفضل أيام السنة، ويتلوه أيام التشريق وكلها عيدُ أهلِ الإسلام، فعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قال رسول
ﷺ: (إن يومَ عرفة، ويومَ النحر، وأيامَ التشريق؛ عيدُنا أهلَ الإسلام، وهي أيام أكل وشرب). [رواه أبو داود والترمذي وقال: حسن صحيح].
اليوم يا عباد الله يوم الذكرِ والشكرِ، يوم الذبحِ والنحرِ، وأكثر أعمال الحجاج تكون فيه، نسأل الله أن يتقبل منا ومنهم، وفيه هذه الصلاةُ العظيمةُ لأهل الأمصار، وبعدها يتقربون لله تعالى بالضحايا. فما أعظم فضل الله تعالى علينا! وما أشد رحمته بنا! إذ هدانا إلى ما يقربنا إليه، فله الحمد دائماً وأبداً.
- الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
إن من أسمى معاني العيد الدعوةَ إلى الله تعالى بالتوحيد، الذي هو حق الله على العبيد، والتحذيرَ من الشرك والتنديد، ولأجلِ هذا يرفع العباد أصواتهم بالتكبير لله، لإفراده بالتعظيم والعبادة دونما سواه،
(قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)، والتوحيد عباد الله أعظم الحسنات والشرك بالله أعظم السيئات،
(إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)، فالشرك بالله محبطٌ للعمل مخلدٌ لصاحبه في النار،
(إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ)، فلا تَرجو بعبادتك إلا وجه الله، لا تَبغي بها مخلوقًا، ولا تَرجُو بها رياءً ولا سمعةً، ولا تذبح إلا لله ولا تسجد إلا لله ولا تحلف إلا بالله، وتجنب الشرك بجميع أنواعه، واحذر من التطير والتشاؤم والتمائم، والسحر ومظاهره والذهاب للعرافين والكهان،
(وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى).
- الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
لقد وعظ رسول الله
ﷺ صحابته بموعظة كأنها موعظة مودع، كما في حديث العرباض رضي الله عنه الذين رواه أهل السنن، وسألوه الوصية فأوصاهم بوصايا جليلة، مَن تمسَّك بها نَجى، ومن تَنَكَّبَ عنها هَلَك، خصوصًا عند حدوث الفتن والشبهات، وتكاثر المغريات والشهوات، فأوصاهم أولا بتقوى الله، بأن تجعل بينك وبين غضب الله وناره وعقابه وقاية، فعلى العبد أن يلزم الطاعات ومنها الصلاة ولا يتساهل فيها، فإنها عماد الإسلام، ويؤدي الزكاة، وعليه ببر الوالدين وصلة الأرحام، والإحسان إلى الأيتام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وإيَّاه وقتل النفس المحرمة والربا، وفعل الفحشاء كالزنا، وغيرها من الذنوب والموبقات.
- الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
ثم أوصاهم
ﷺ بالسمع والطاعة لولاة الأمر بالمعروف، وهو أصل من أصول الإسلام، وحثَّ عليه في أحاديثَ كثيرةٍ سيّدُ الأنام، لما فيه من سدّ أبواب الفوضى والفتن، وبمخالفته ذهاب الأمن وانتشار المحن، فقد كَانَ رَسُولُ اللهِ
ﷺ يُوصِي بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ لِلْأَئِمَّةِ بِالمَعْرُوفِ، وَيَحُثُّ عَلَى الصَّبْرِ عَلَى جَوْرِهِمْ، ويحرم الخروج عليهم، وَيُرَغِّبُ فِي إِكْرَامِهِمْ وَتَوْقِيرِهِمْ، وَالدُّعَاءِ لَهُمْ، وَتَوْجِيهِ النَّصِيحَةِ إِلَيْهِمْ بِالرِّفْقِ وَالسِّرِّ مَعَ جَمْعِ القُلُوبِ عَلَيْهِمْ، حَتَّى يَكُونَ المُسْلِمُونَ يَدًا وَاحِدَةً، فَقد قَالَ رَسُولُ اللهِ
ﷺ: «اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا؛ فَإِنَّمَا عَلَيْهِمْ مَا حُمِّلُوا وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ» [رَوَاهُ مُسْلِمٌ].
الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
ثم أخبر
ﷺ بأن من طال به الزمن، فسيرى الاختلاف والفتن، فأوصاهم بالتمسك بالسنن، والسير على درب الصحابة، والتمسك بسنة الخلفاء الراشدين، فالسير على السنة، وعلى هدي سلف الأمة، طريق الله إلى الجنة، فقد قال
ﷺ: (قد تركتكم على البيضاءِ ليلِها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك، مَن يَعِشْ منكم فَسَيَرَى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بما عَرَفتم من سُنَّتي وسُنَّة الخلفاءِ الراشدين المهديين، عَضُّوا عليها بالنَّواجِذِ).
- الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
ثم بين أن من أعظم أسباب النجاة، الحذرَ من البدع والمحدثات، ومجانبةَ أهل الأهواء والخرافات، (وإياكُم ومحدثات الأمور، فإنَّ كلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة)، وقد كثرت في هذه الأزمان الفرق الضالة والمناهج الضيقة المنحرفة، فاحذروا منها غاية الحذر ففي اتباعها الشر والضرر،
(وَأَنَّ هَـٰذَا صِراطِي مُسْتَقِيمًا فَٱتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذٰلِكُمْ وَصَّـاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون).
- [هنا يفصل من رأى أنها خطبتان]
اللهُ أَكْبَـرُ، اللهُ أَكْبَـرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَـرُ، اللهُ أَكْبَـرُ، وَلِلَّهِ الحَمْدُ.
أيَّتُها المرأةُ المسلمةُ: اتقي الله تعالى في واجباتكِ، وأحسِني إلى زوجك بالعِشْرَة الطَّيبة، وإلى أولادك بالتربية الإسلامية النَّافعة، واحفظي زوجك في عرضِهِ ومالِهِ وبيتِهِ، وارْعَيْ حقوق والديه وأقاربه وضيفه وجيرانه، ففي الحديث عن النبي
ﷺ: (إذا صلَّت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحفظت فرجها، وأطاعت زوجها، قيل لها: ادخُلي الجنَّة من أي أبوابها شئت)، واحذري دعاة الرذيلة وأهل الفجور، فإنَّ المرأةَ زينَتُها في دينِهَا وجمالها في حيائها، كَمَا على الرَّجال أن يتقوا الله في النساء، فإنهن أسيراتٍ عندَكم، فارفقوا بهنَّ وأحسنوا عشرتهن.
- الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
قد شرع الله لنا الأضحية في هذا اليوم، وأيام التشريق، مع الذكر وفعل الخير، عن الْبَرَاءِ رضي الله عنه قال: (خَطَبَنَا النبي يوم النَّحْرِ فقال: (إِنَّ أَوَّلَ ما نَبْدَأُ بِهِ في يَوْمِنَا هذا أَنْ نُصَلِّيَ ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ فَمَنْ فَعَلَ ذلك فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا) [متفق عليه]، فاشكروا الله واحمدوه على نعمه الظاهرة والباطنة، واجعلوا عيدَكم، عيدَ طاعةٍ وشكران، ولا تُكَدِّروه بالذنوب والعصيان.
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ؛ الْأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالْأَمْوَاتِ، إِنَّكَ قَرِيبٌ سَمِيعٌ مُجِيبُ الدَّعَوَاتِ، رَبَّنَا ارْفَعْ عَنَّا الْبَلَاءَ وَالْوَبَاءَ، وَالضَّرَّاءَ وَالْبَأْسَاءَ، وَأَدِمْ عَلَيْنَا النِّعَمَ، وَادْفَعْ عَنَّا النِّقَمَ، اللَّهُمَّ وَفِّقْ ولاة أمورنا لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، اللهم اجْعَلْ هَذَا البَلَدَ آمِنًا مُطْمَئِنًّا، سَخَاءً رَخَاءً وَسَائِرَ بِلَادِ المُسْلِمِينَ.