أعمال تدخلك الجنة من أبوابها الثمانية
أعمال تدخلك الجنة من أبوابها الثمانية
  | 5479   |   طباعة الصفحة


  • خطبة مكتوبة بعنوان: أَعْمَالٌ تُدْخِلُكَ الجَنَّةَ مِنْ أَبْوَابِهَا الثَّمَانِيَةِ.

 
  • الخطبة الأولى
إِنَّ الحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ ونَسْتَعِينُهُ ونَسْتَغْفِرُهُ، ونَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا ومِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، ومَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ،  )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ( [آل عمران:102].
  • أَمَّا بَعْدُ:
فَإِنَّ أَصْدَقَ الحَدِيثِ كَلَامُ اللهِ تَعَالَى، وخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ ، وشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.
  • مَعَاشِرَ المُسْلِمِينَ:
إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَعَدَّ لِلْمُؤْمِنِينَ المُتَّقِينَ جَنَّاتِ النَّعِيمِ، وَجَعَلَ فِيهَا مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بِشَرٍ، فَهَذِهِ الجَنَّةُ الَّتِي عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ، يُسَاقُ لَهَا أَهْلُهَا زُمَرًا، يَدْخُلُونَ مِنْ أَبْوَابِهَا ، )وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ * وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الأرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ( [الزمر:73-74] وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: «في الْجَنَّةِ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابٍ، فِيهَا بَابٌ يُسَمَّى الرَّيَّانَ، لَا يَدْخُلُهُ إِلَّا الصَّائِمُونَ» [رَوَاهُ البُخَارِيُّ]. فَإِذَا دَخَلُوا تِلْكَ الأَبْوَابَ - جَعَلَنَا اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ - نَعِمُوا وَلَمْ يَبْأَسُوا، وَفَرِحُوا وَلَمْ يَحْزَنُوا، وَصَحُّوا وَلَمْ يَمْرَضُوا، وَعَاشُوا وَلَمْ يَمُوتُوا؛ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: «يُنَادِي مُنَادٍ: إِنَّ لَكُمْ أَنْ تَصِحُّوا فَلَا تَسْقَمُوا أَبَدًا، وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَحْيَوْا فَلَا تَمُوتُوا أَبَدًا، وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَشِبُّوا فَلَا تَهْرَمُوا أَبَدًا، وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَنْعَمُوا فَلَا تَبْأَسُوا أَبَدًا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: )وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ( [الأعراف:43]» [رَوَاهُ مُسْلِمٌ]. وَإِنَّ لِلْجَنَّةٍ ثَمَانِيَةَ أَبْوَابٍ: أَوَّلُ مَا تُفْتَحُ لِرَسُولِ اللهِ إِكْرَامًا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ، فَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ : «آتِي بَابَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَسْتَفْتِحُ، فَيَقُولُ الْخَازِنُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَأَقُولُ: مُحَمَّدٌ. فَيَقُولُ: بِكَ أُمِرْتُ لَا أَفْتَحُ لِأَحَدٍ قَبْلَكَ » [رَوَاهُ مُسْلِمٌ]. وَهَذِهِ الأَبْوَابُ - عِبَادَ اللهِ - لَهَا صِفَاتٌ بَيَّـنَتْهَا النُّصُوصُ، تَبْعَثُ فِي نَفْسِ المُؤْمِنِ الاِجْتِهَادَ فِي العَمَلِ لِيَكُونَ مِنْ دَاخِلِيهَا، كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه الطَّوِيلِ وَفِيهِ: «فَيُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ أَدْخِلْ مِنْ أُمَّتِكَ مَنْ لَا حِسَابَ عَلَيْهِمْ مِنْ الْبَابِ الْأَيْمَنِ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ، وَهُمْ شُرَكَاءُ النَّاسِ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الْأَبْوَابِ، ثُمَّ قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ مَا بَيْنَ الْمِصْرَاعَيْنِ مِنْ مَصَارِيعِ الْجَنَّةِ كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَحِمْيَرَ أَوْ كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَبُصْرَى» [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ]. وَمَعَ سِعَةِ هَذِهِ الأَبْوَابِ يَأْتِي يَوْمٌ يَزْدَحِمُ عَلَيْهَا أَهْلُهَا، كَمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ قَوْلِ عُتْبَةَ بْنِ غَزْوَانَ رضي الله عنه وَفِيهِ: «ولَقَدْ ذُكِرَ لَنَا أَنَّ مَا بَيْنَ مِصْرَاعَيْنِ مِنْ مَصَارِيعِ الْجَنَّةِ مَسِيرَةُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، وَلَيَأْتيَنَّ عَلَيْهَا يَوْمٌ وَهُوَ كَظِيظٌ مِنَ الزِّحَامِ». عِبَادَ اللهِ: إِنَّ السَّعِيدَ كُلَّ السَّعَادَةِ مَنْ يُدْعَى مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ، يَتَخَيَّرُ هُوَ بِنَفْسِهِ مِنْهَا مَا يَشَاءُ، إِكْرَامًا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِهَذَا العَبْدِ، وَهَذَا الجَزَاءُ العَظِيمُ وَالأَجْرُ الكَرِيمُ لَهُ أَسْبَابٌ إِذَا عَمِلَهَا العَبْدُ دُعِيَ مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ، فَاجْتَهِدُوا - عِبَادَ اللَّهِ- عَلَى أَنْ تَكُونُوا مِنْهُمْ. وَإِنَّ مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ دُخُولِ الجَنَّةِ مِنْ أَبْوَابِهَا الثَّمَانِيَةِ: تَحْقِيقَ التَّوْحِيدِ وَالاِبْتِعَادَ عَنِ الشِّرْكِ، وَالإِيمَانَ بِالرُّسُلِ وَالكُتُبِ وَاليَوْمِ الآخَرِ، وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى فَضْلِ التَّوْحِيدِ وَعِظَمِ جَزَائِهِ؛ فَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ : «مَنْ قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللَّهِ وَابْنُ أَمَتِهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ، وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ وَأَنَّ النَّارَ حَقٌّ- أَدْخَلَهُ اللَّهُ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ شَاءَ» [رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَاللَّفْظُ لَهُ]. وَمِنْ أَسْبَابِ دُخُولِ الجَنَّةِ مِنْ أَبْوَابِهَا الثَّمَانِيَـةِ: المَصَائِبُ الَّتِي تُصِيبُ العَبْدَ الصَّابِرَ، وَلَيْسَ لَهُ فِيهَا حِيلَةٌ، وَلَا يَسْتَطِيعُ دَفْعَهَا، وَمَعَ ذَلِكَ يَرْحَمُهُ اللهُ بِهَا، وَيَرْفَعُهُ بِهَا دَرَجَاتٍ. وَمِنْهَا فَقْدُ الذُّرِّيَّةِ وَالأَوْلَادِ، الَّذِينَ هُمْ زِينَةُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزَهْرَتُهَا، فَمَنْ مَاتَ لَهُ ثَلَاثَةٌ مِنَ الوَلَدِ فَصَبَـرَ، فَإِنَّ أَوْلَادَهُ يُلَاقُونَهُ عِنْدَ أَبْوَابِ الْجِنَانِ؛ فَعَنْ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ السُّلَمِيِّ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ لَهُ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ، إِلَّا تَلَقَّوْهُ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ دَخَلَ» [رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَحَسَّنَهُ الأَلْبَانِيُّ]. بَلْ لَوْ مَاتَ لَهُ وَلَوْ وَلَدٌ وَاحِدٌ فَلَهُ هَذَا الأَجْرُ وَالثَّوَابُ، فَعَنْ أَبِي حَسَّانَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي هُرَيْرَةَ: إِنَّهُ قَدْ مَاتَ لِيَ ابْنَانِ فَمَا أَنْتَ مُحَدِّثِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ بحَدِيثٍ تُطَيِّبُ بهِ أَنْفُسَنَا عَنْ مَوْتَانَا؟ قَالَ: «قَالَ: نَعَمْ. صِغَارُهُمْ دَعَامِيصُ الْجَنَّةِ، يَتَلَقَّى أَحَدُهُمْ أَبَاهُ أَوْ قَالَ: أَبَوَيْهِ فَيَأْخُذُ بِثَوْبِهِ أَوْ قَالَ: بِيَدِهِ كَمَا آخُذُ أَنَا بِصَنِفَةِ ثَوْبِكَ هَذَا، فَلَا يَتَنَاهَى أَوْ قَالَ: فَلَا يَنْتَهِي حَتَّى يُدْخِلَهُ اللَّهُ وَأَبَاهُ الْجَنَّةَ» [رَوَاهُ مُسْلِمٌ]. وَالدُّعْمُوصُ: الدَّخَّالُ فِي الأُمُورِ، أَيْ: أَنَّهُمْ سَيَّاحُونَ فِي الجَنَّةِ دَخَّالُونَ فِي مَنَازِلِهَا، لَا يُمْنَعُونَ مِنْ مَوْضِعٍ.
  • إِخْوَةَ الإِسْلَامِ:
وَكَذَلِكَ مِنْ أَسْبَابِ دُخُولِ الجَنَّةِ مِنْ أَبْوَابِهَا الثَّمَانِيَةِ: الإِكْثَارُ مِنَ الصَّدَقَةِ وَتَكْرَارُهَا، وَإِنْفَاقُ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللهِ، أَيْ: شَيْئَيْنِ مِنْ أَيِّ صِنْفٍ مِنْ أَصْنَافِ المَالِ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ، كَشَاتَيْنِ أَوْ بَعِيرَيْنِ، وَيَشْمَلُ عُمُومَ أَبْوَابِ الخَيْرِ فِي سَبِيلِ اللهِ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ نُودِيَ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا خَيْرٌ، فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلَاةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الْجِهَادِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عَلَى مَنْ دُعِيَ مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ مِنْ ضَرُورَةٍ، فَهَلْ يُدْعَى أَحَدٌ مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ كُلِّهَا؟ قَالَ: نَعَمْ. وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ» [رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ]. وَفِي هَذَا الحَدِيثِ فَضِيلَةٌ لِأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه خَيْرِ الصَّحَابَةِ وَأَفْضَلِهِمْ، وَشَهَادَةٌ لَهُ أَنَّهُ مِمَّنْ يُدْعَى مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ جَمِيعًا، فَيَتَخَيَّرُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ.
  • مَعَاشِرَ المُسْلِمِينَ:
وَمِنْ أَسْبَابِ دُعَاءِ العَبْدِ مِنْ أَبْوَابِ الجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ: إِحْسَانُ الوُضُوءِ وَإِسْبَاغُهُ، وَذِكْرُ اللهِ بَعْدَ ذَلِكَ بِالتَّوْحِيدِ وَالشَّهَادَةِ لِمُحَمَّدٍ بِالعُبُودِيَّةِ لِلَّهِ وَبِالرِّسَالَةِ؛ فَعَنْ عُمَرَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ فَيُبْلِغُ أَوْ فَيُسْبِــغُ الْوَضُوءَ، ثُمَّ يَقُولُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، إِلَّا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ» [رَوَاهُ مُسْلِمٌ]. وَهَذَا يَدْعُونَا إِلَى تَعَلُّمِ الْوُضُوءِ الصَّحِيحِ عَلَى هَدْيِ رَسُولِ اللهِ ؛ فَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الأُجُورِ لِلصَّلَاةِ وَالمَسْجِدِ وَالمَشْيِ إِلَيْهِ، وَالجُلُوسِ فِيهِ مُرْتَبِطَةٌ بِإِحْسَانِ الوُضُوءِ وَإِسْبَاغِهِ. عِبَادَ اللهِ: وَمِنَ الأَسْبَابِ كَذَلِكَ: الاِبْتِعَادُ عَنْ كَبَائِرِ الذُّنُوبِ مَعَ المُحَافَظَةِ عَلَى الصَّلَوَاتِ الخَمْسِ؛ فَعَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: صَعَدَ رَسُولُ اللهِ الْمِنْبَرَ فَقَالَ: «لَا أُقْسِمُ، لَا أُقْسِمُ، لَا أُقْسِمُ»، ثُمَّ نَزَلَ فَقَالَ: «أَبْشِرُوا، أَبْشِرُوا، إِنَّهُ مَنْ صَلَّى الصَّلَوَاتِ الخَمْسَ، وَاجْتَنَبَ الكَبَائِرَ، دَخَلَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الجَنَّةِ شَاءَ : عُقُوقَ الوَالِدَيْنِ، والشِّرْكَ بِاللهِ، وَقَتْلَ النَّفْسِ، وَقَذْفَ المُحْصَنَاتِ، وَأَكْلَ مَالِ اليَتِيمِ، وَالْفِرَارَ مِنَ الزَّحْفِ، وَأَكْلَ الرِّبَا» [أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَحَسَّنَهُ الأَلْبَانِيُّ]. اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِنَ الطَّائِعِينَ، وَجَنِّبْنَا دُرُوبَ الهَالِكِينَ، وَأَدْخِلْنَا الجَنَّةَ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ. أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ، إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.
  • الخطبة الثانية
الحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنِ اتَّبَعَ هُدَاهُ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الَّذِي أَرْسَلَهُ رَبُّهُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ.
  • أَمَّا بَعْدُ:
فَأُوصِيكُمْ –عِبَادَ اللهِ- وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ تَعَالَى، فَمَنِ اتَّقَى اللهَ وَقَاهُ، وَنَصَرَهُ وَكَفَاهُ. إِخْوَةَ الإِسْلَامِ: إِنَّ الأَسْبَابَ السَّابِقَةَ لِدُخُولِ الجَنَّةِ مِنْ أَيِّ بَابٍ يَشَاءُ العَبْدُ، كَمَا أَنَّهَا لِلرِّجَالِ فَكَذَلِكَ لِلنِّسَاءِ، بَلِ لِلْمَرْأَةِ عَمَلٌ إِذَا أَدَّتْهُ فَإِنَّهَا تَدْخُلُ كَذَلِكَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ شَاءَتْ، فَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ  :  «إِذَا صَلَّتِ الْمرْأَةُ خمْسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وحَفِظَتْ فَرْجَهَا، وأَطَاعَتْ زَوْجَهَا، قِيلَ لَهَا: ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ» [رَوَاهُ أَحْمَدُ وَحَسَّنَهُ الأَلْبَانِيُّ]. فَعَلَى الرِّجَالِ أَنْ يُنَبِّهُوا نِسَاءَهُمْ إِلَى المُحَافَظَةِ عَلَى الصَّلَوَاتِ الخَمْسِ، وَصِيَامِ رَمَضَانَ، وَعَدَمِ التَّسَاهُلِ فِي القَضَاءِ، ثُمَّ إِنَّهَا إِنْ حَصَّنَتْ فَرْجَهَا، وَأَعَفَّتْ نَفْسَهَا، وَابْتَعَدَتْ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالرَّذِيلَةِ، وَكَانَتْ مُطِيعَةً لِزَوْجِهَا، وَمُعِيَنَةً لَهُ عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى، فَإِنَّ جَزَاءَهَا عِنْدَ رَبِّهَا، أَنَّهَا يُقَالُ لَهَا: ادْخُلِي الجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِهَا شِئْتِ. وَإِنَّ هَذِهِ الأَبْوَابَ تُفْتَحُ يَوْمَ الاِثْنَيْنِ وَالخَمِيسِ، وَتُفْتَحُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، حَثًّا لِلْعِبَادِ عَلَى اسْتِغْلَالِ أَوْقَاتِ الفَضِيلَةِ وَالخَيْرِ، وَمَوَاسِمِ مُضَاعَفَةِ الثَّوَابِ وَالأَجْرِ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ قَالَ: «تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ، فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا، إِلَّا رَجُلًا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ فَيُقَالُ: أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا» [رَوَاهُ مُسْلِمٌ]. وَفِي رَمَضَانَ تُفْتَحُ تِلْكَ الأَبْوَابُ لِأَهْلِ الطَّاعَةِ وَالإِيمَانِ دَاعِيَةً لَهُمْ لِبَذْلِ الجُهْدِ فِي البِرِّ وَالإِحْسَانِ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ : «إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ، وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ» [رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ]. فَاسْتَغِلُّوا -عِبَادَ اللهِ- أَوْقَاتَ الخَيْرَاتِ وَالفَضَائِلِ، وَاجْتَهَدُوا فِي أَنْ تَكُونُوا مِمَّنْ يُدْعَى مِنْ أَبْوَابِ الجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ.