- خطبة بعنوان:مُمَارَسَاتٌ دَخِيلَةٌ عَلَى الْمُجْتَمَعِ الْمُسْلِمِ (علوم الطاقة، قانون الجذب، أحجار الطاقة).
- ألقاها: الشيخ الدكتور خالد بن ضحوي الظفيري حفظه الله تعالى.
- المكان: خطبة في يوم 27 ربيع الأول 1442هـ في مسجد السعدي بالجهرا.
إِنَّ الحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ( [آل عمران:102].
أَمَّا بَعْدُ:
فَإِنَّ مِنْ أَعْظَمِ نِعَمِ اللهِ تَعَالَى عَلَيْنَا أَنْ هَدَانَا إِلَى التَّوْحِيدِ وَالْإِسْلَامِ، وَجَعَلَنَا مِنْ أَتْبَاعِ سُنَّةِ سَيِّدِ الْأَنَامِ ﷺ، قَالَ تَعَالَى: )
قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ( [يونس:58]، قَالَ ابْنُ القَيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ: (وَقَدْ دَارَتْ أَقْوَالُ السَّلَفِ عَلَى أَنَّ فَضْلَ اللهِ وَرَحْمَتَهُ: الْإِسْلَامُ وَالسُّنَّةُ)، وَقَدْ أَتَمَّ اللهُ تَعَالَى عَلَيْنَا نَعْمَتَهُ بِأَنْ جَعَلَنَا فِي مُجْتَمَعٍ عَرَفَ قَدْرَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَنَشَأَ عَلَى الْإيمَانِ، فِي بَلَدٍ مَظَاهِرُ التَّوْحِيدِ فِيهِ بَارِزَةٌ، وَمَعَالِمُ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ فِيهِ ظَاهِرَةٌ، نَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَزِيدَنَا مِنْ خَيْرِهِ وَيُثَبِتَّنَا عَلَى تَوْحِيدِهِ.
عِبَادَ اللهِ:
وَمِنْ سُنَنِ اللهِ تَعَالَى أَنْ يَبْتَلِيَ عِبَادَهُ وَأهْلَ تَوْحِيدِهِ بأعداءٍ حَسَدَةٍ مِنْ شَيَاطِينِ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ، يُحَاوِلُونَ إِضْلَالَهُمْ عَنِ الْحَقِّ وَصَرْفَهُمْ عَنِ الطَّرِيقِ الْمُسْتَقِيمِ إِلَى كُلِّ طَرِيقٍ ضَالٍّ وَخِيمٍ، وَإبْعَادَهُمْ عَنْ سُبُلِ السَّلَامِ وَالْهُدَى، إِلَى طَرَائِقِ الضَّلَالِ وَالرَّدَى، قَالَ تَعَالَى: )
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ( [البقرة:208]، وَقَدْ حَذَّرَنَا رَسُولُنَا ﷺ مِنْ هَذِهِ الطَّرَائِقِ الْمُحْدَثَةِ وَمِنْ أهْلِهَا، فَقَالَ ﷺ: «سَيَكُونُ في آخِرِ أُمَّتِي أُنَاسٌ يُحَدِّثُونَكُمْ مَا لَمْ تَسْمَعُوا أَنْتُمْ وَلاَ آبَاؤُكُمْ فَإِيَّاكُمْ وَإِيَّاهُمْ»[رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيرَةَ رضي اللهُ عَنْهُ]. وَمِنْ تَدَبَّرَ أَحْوَالَ الْأُمَمِ السَّابِقَةِ وَجَدَ أَنَّهُمْ بَعْدَ أَنْ أَنَعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ بِالدِّينِ الصَّحِيحِ انْحَرَفُوا عَنْهُ وَاتَّبَعُوا الشَّيَاطِينَ، وَقَدْ حَذَّرَنَا اللهُ تَعَالَى مَنِ اِتِّبَاعِ سَبِيلِهِمْ وَالسَّيْرِ عَلَى طَرِيقِهِمْ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: )
وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ ۚ وَأُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ( [آل عمران:105]، وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ، شِبْرًا بِشِبْرٍ، وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ دَخَلُوا في جُحْرِ ضَبٍّ لاتَّبَعْتُمُوهُمْ ». قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ آلْيَهُودَ وَالنَّصَارَى؟، قَالَ « فَمَنْ » [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ].
عِبَادَ اللهِ:
مِنَ الْخَطَرِ الْعَظِيمِ- مَعَ تَوَسُّعِ وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ وَالْمَعْلُومَاتِ- دُخُولُ مُمَارَسَاتٍ وَمُعْتَقَدَاتٍ لَا تَمُتُّ لِمُجْتَمَعِنَا الْإِسْلَامِيِّ الْأَصِيلِ بِصِلَةٍ، يَجِبُ الْحَذَرُ وَالتَّحْذِيرُ مِنْهَا، وَمِنْ أَعْظُمِهَا مَا يَكُونُ فِيهِ إلْحَادٌ أَوْ شِرْكٌ أَوْ مُعَارَضَةُ رُكْنٍ مِنْ أَرْكَانِ الْإيمَانِ: كَمَنْ جَعَلَ لِلْعَقْلِ طَاقَةً يُمْكِنُهُ بِهَا التَّصَرُّفُ بِقَضَاءِ اللهِ وَقَدَرِهِ وَتَغْيِيرِهِ, حَتَّى قَالُوا: أَنْتَ تَصَنَعُ قَدَرَكَ بِيَدِكَ, وَأَقَامُوا لِذَلِكَ دَوْرَاتٍ لِلطَّاقَةِ الْكَوْنِيَّةِ بَحْثًا عَنِ الشُّهْرَةِ، أَوْ طَلَبًا لِلْمَالِ، أَوْ بُغْيَةَ إِضْلَالِ النَّاسِ وَصَدِّهِمْ عَنْ دِيْنِ اللهِ، وَ اِخْتَرَعُوا قَانُونَ الْجَذْبِ، أَوْ إِرْسَالَ النِّيَّةِ، وَغَيْرَهَا مِنَ الْمُسَمَّيَاتِ الَّتِي لَا تَخْدَعُ أَهْلَ الْإِيمَانِ، وَلَا تَنْطَلِي عَلَى مَنْ عَرَفَ دِينَهُ وَعَقِيدَتَهُ.
بَلْ حَاوَلَ أَعْدَاءُ الْإِسْلَامِ صَرْفَ أهْلِ الْإِسْلَامِ عَنْ عِبَادَةِ اللهِ تَعَالَى إِلَى عِبَادَةِ غَيْرِهِ إِلَى أَنْ وَصَلَ الْأَمْرُ إِلَى عِبَادَةِ الشَّيْطَانِ، نَسْأَلُ اللهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ.
فَلَا تَغُرَّنَّـكُمْ- يَا عِبَادَ اللهِ- مِثْلُ هَذِهِ الدَّعَاوَى الزَّائِفَةِ, وَلَا تَخْدَعَنَّـكُمْ هَذِهِ الزَّخَارِفُ الشَّيْطَانِيَّةُ؛ فَكُلُّهَا طَرِيقٌ إِلَى الْكُفْرِ وَالْاِنْحِرَافِ, وَعَلَيْكُمْ بِالْوَحْيَيْنِ: الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ، تَمَسَّكُوا بِهِمَا، وَعَضُّوا عَلَيْهِمَا بِالنَّوَاجِذِ تَسْلَمُوا, فَبِهِمَا السَّعَادَةُ وَالرَّشَادُ, وَبِغَيْرِهِمَا الْهَلَاكُ وَالْفَسَادُ، ]
قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ[ [المائدة:15-16].
أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ، إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنِ اتَّبَعَ هُدَاهُ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
أَمَّا بَعْدُ:
فَأُوصِيكُمْ -عِبَادَ اللهِ- وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ، فَمَنِ اتَّقَى اللهَ وَقَاهُ، وَنَصَرَهُ وَكَفَاهُ.
إِخْوَةَ الإِسْلَامِ:
إِنَّ مِمَّا يَسْعَى بِهِ بَعْضُ مَنْ لَا بَصِيرَةَ لَهُ وَلَا دِينَ: الدَّعْوَةَ إِلَى الْاِسْتِشْفَاءِ بِالْحِجَارَةِ، فَزَعَمُوا أَنَّ كُلَّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْحِجَارَةِ لَهُ خَاصِّيَّةٌ عِلَاَجِيَّةٌ وَطَاقَةٌ مُعَيَّنَةٌ، مِنْهَا مَا يَجْلِبُ السَّعَادَةَ، وَمِنْهَا مَا يَكُونُ بِهِ الشِّفَاءُ، وَمِنْهَا مَا يَكُونُ سَبَبًا لِحُصُولِ الذُّرِّيَّةِ، بَلْ جَعَلُوا أَشْجَارًا يُعَلِّقُونَ بِهَا أُمْنِيَّاتِهِمْ، وَأَقْفَالًا لِلْمَحَبَّةِ، وأساورَ للطاقة، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْمَظَاهِرِ الدَّخِيلَةِ عَلَى عَقِيدَتِنَا وَمُجْتَمَعِنَا.
وَهَذَا كُلُّهُ مِنْ صُوَرِ الشِّرْكِ الْمُعَاصِرِ الَّذِي يَجِبُ عَلَى الْجَمِيعِ مُحَارَبَتُهُ وَالتَّحْذِيرُ مِنْهُ، وَإِبْعَادُهُ عَنْ أبْنَائِنَا وَبَنَاتِنَا وَأَوْطَانِنَا، وَقَدْ حَذَّرَ ﷺ مِنْ ذَلِكَ وَأَخْبَـرَ أَنَّ هَذَا الْفِعْلَ تَعَبُّدٌ لِغَيْرِ اللهِ تَعَالَى، فَعَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ رضي اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ لَمَّا خَرَّجَ إِلَى حُنَينٍ، مَرَّ بِشَجَرَةٍ لِلْمُشْرِكِينَ، يُقَالُ لَهَا: ذَاتُ أَنْوَاطٍ، يُعَلِّقُونَ عَلَيْهَا أَسْلِحَتَهُمْ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، اجْعَلْ لَنَا ذَاتَ أَنْوَاطٍ كَمَا لهم ذَاتُ أَنْوَاطٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «سُبْحَانَ اللهِ! هَذَا كَمَا قَالَ قَوْمُ مُوسَى: اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيدِهِ لَتَرْكَبُنَّ سُنَّةَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ»
[رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ]، فَالشِّفَاءُ -عِبَادَ اللهِ- بِيَدِ اللهِ وَيُطْلَبُ مِنَ اللهِ وَلَا يَتَوَكَّلُ الْعَبْدُ إِلَّا عَلَى اللهِ، ]
وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ ۖ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ[ [الأنعام:17].