الحرب على المملكة العربية السعودية، حرب علينا
الحرب على المملكة العربية السعودية، حرب علينا
  | 8573   |   طباعة الصفحة


  • خطبة بعنوان: الحرب على المملكة العربية السعودية، حرب علينا.
  • القاها: الشيخ الدكتور خالد بن ضحوي الظفيري حفظه الله تعالى.
  • المكان: خطبة في يوم 17صفر - عام 1440هـ في مسجد السعيدي.

الحذر من وسائل الأعداء في حربهم لدول الإسلام (الحرب على المملكة العربية السعودية حرب علينا)  
  • الخطبة الأولى
  • عباد الله:
يجب علينا أن نعلم أن أعداءنا أعداء الإسلام والمسلمين لا يهدأ لهم بال ولا يقر لهم قرار وهم يروننا ويرون دولنا وأمتنا في أمن وأمان وتطور وعمران، فسعوا بكل وسيلة فاضية وطريقة بالشر ناضحة لتقوين أمننا، وإشاعة الفوضى بيننا، حتى تكون أوطاننا دار بلاء وفتن، ينتشر فيها الشر والمحن، فلا يأمن الرجل على بيته وأهله ونفسه، ولا تأمن المرأة على عرضها وأولادها. وقد أخبر الله عن أهل الكفر والشر في كتابه وبين أنهم لا يريدون لنا الخير ولكنهم لا يصرحون بعداوتهم الكاملة بل يظهرون خلاف ذلك، قال الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ . هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ. إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ ) آل عمران/118- 12، وقال تعالى : ( وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ) البقرة/120 . فهذا العداء عباد الله يجب أن نفهمه ونعقله ونتذكره كل حين لا نغفل عن أعداءنا وما يكيدون لنا.
  • عباد الله:
بسبب هذه العداوة الأبدية من الكفار وأهل الشر لأهل الإسلام والسنة استخدموا كل الوسائل المتاحة لهم في حربهم لنا ولأوطاننا، نعم إنها حرب وأشد من حرب السنان والسلاح، فحرب السلاح تعرف به عدوك، أما حربهم فقد استخدموا وسائل كثيرة وخطيرة ومن أعظم هذه الوسائل وأخطرها، الأولى وسيلة الإشاعات والثانية تجنيد بعض أبنائنا ومن يتكلم بلساننا ومن بنبي جلدتنا ضدنا وضد أمتنا وأمننا. والإشاعات المغرضة المبنية على الكذب والتزوير والتدليس وحجب الحقائق عباد الله وسيلة استخدمها الكفار والمنافقون عبر التاريخ ضد الرسل والأنبياء ودعاة الخير والصلاح، وضد دول الإسلام صغيرها وكبيرها، فوصفوا الرسل بالكذب والسحر والجنون والشعر والسفاهة والضلالة ووصفوا أتباعهم بأوصاف دونية كل ذلك بقصد التنفير عن أنبياء الله ورسله وصد الناس عن الإيمان بهم وبالنور الذي أنزل معهم. وقد قص الله علينا طرفاً من تلك الإشاعات الكاذبة الظالمة ومن ذلك قولُه تعالى {كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ} وقولُ قوم نوح لنوح عليه السلام { إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} وقولهم له { مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ } وقولُ قوم هود لهود عليه السلام { إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ} واستخدم الأعداء هذه الوسيلة في حرب النبي محمد ﷺ ودعوته إلى الإسلام والحق، فأشاعوا في أحد أنه قتل، وأشاعوا في الأحزاب أنهم منهزمون ولا سبيل لنصرهم، وأشاعوا حادثة الإفك، فاستغلوا كل فرصة للنيل من الإسلام والمسلمين لكن الله حافظ دينه وناصر أولياءه. وقد بين النبي ﷺ خطر هذه الإشاعات ونبه عليها، فقد منع الصحابة من قتل بعض من يستحق القتل حتى لا يقال محمد يقتل أصحابه، وامتنع أن يهدم الكعبة ويعيدها على قواعد إبراهيم حتى لا يتخذ ذلك الاعداء وسيلة لنشر الإشاعات ضد المسلمين من عدم تعظيمهم للحرم وهدمهم له. وهكذا أعداء الإسلام وأعداء أمننا وراحتنا في كل زمان ومكان، فهذه دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب لما نشرت التوحيد وأقامت الشرع على كتاب الله وسنة نبيه ﷺ حاربوها بكل وسيلة ونشروا عنها الإشاعات المغرضة الحاقدة، حتى كان ذلك سببا لسقوط الدولة الأولى ثم الثانية وها هي الدولة الثالثة تسير على الحق والكتاب والسنة وهي عصب الإسلام وقلبه النابض يكيدون لنا كل أنواع الكيد وجلسوا لها في كل مرصد، استغلوا كل نائحة ونابحة من الإعلاميين وغيرهم، وأقاموا القنوات والندوات والمؤتمرات لحربها والسعي في زعزعة أمنها، فإنهم لما عجزوا عن زعزعة أمننا في ربيعهم بل خريفهم العربي، جاءوا بهذا الربيع الآخر الذي يقسم بعضهم أنه يكون على دولنا أشد من الربيع السابق، فيجب عباد الله أن ننتبه لهذه المكائد، ونعلم علم اليقين أن أمن المملكة العربية السعودية هو أمننا وطمأنينتنا، فلو حصل لها ما يتمنه الأعداء فكيف سيكون حالنا وديننا ودنيانا، وَعَلَى الْمَرْءِ أَنْ لَا يَسْتَغِلَّهُ السُّفَهَاءُ وَالأَعْدَاءُ؛ فَيَكُونَ مَطِيَّةً لِنَشْرِ أَضَالِيلِهِمْ، وَمَعْبَرًا لِنَقْلِ أَبَاطِيلِهِمْ، وَمِعْوَلَ هَدْمٍ وَتَفْتِيتٍ، وَأَدَاةَ إِشَاعَاتٍ مُغْرِضَةٍ وَتَشْتِيتٍ، فَنَحْنُ نَعِيشُ فِي عَالَمٍ لَمْ تَعُدْ فِيهِ الفِتْنَةُ تَقْتَصِرُ عَلَى بُقْعَةٍ بِمُفْرَدِهَا، وَلَا الكَلِمَةُ أَوِ الرِّسَالَةُ تَتَوَقَّفُ عَلَى صَاحِبِهَا أَوْ فِي أَمَاكِنَ مَحْدُودَةٍ، بَلْ صَارَتِ الكَلِمَةُ تَبْلُغُ الآفَاقَ فِي لَحْظَةٍ أَوْ لَحَظَاتٍ مَعْدُودَةٍ، فَرُبَّ تَغْرِيدَةٍ تُحْدِثُ فِتْنَةً عَمْيَاءَ، أَوْ مَقْطَعٍ يَبْعَثُ جَاهِلِيَّةً جَهْلَاءَ، وَرَبَّ كَلِمَةٍ تَحْمِي شَعْباً وَأُمَّةً مِنْ عَظِيمِ خَطَرٍ، وَرُبَّ كَلِمَةٍ تُشْعِلُ فِتْنَةً شَعْوَاءَ لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ؛ وَلْنَتَّقِ اللهَ فِي أَنْفُسِنَا وَأَلْسِنَتِنَا، وَفِي رَسَائِلِنَا وَتَغْرِيدَاتِنَا وَكِتَابَتِنَا، فَفِي التَّقْوَى خَيْرٌ كَثِيرٌ، وَفِي الخَوْضِ فِي الفِتْنَةِ شَرٌّ مُسْتَطِيرٌ. أقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
  • الخطبة الثانية
عباد الله: إن من طرائق الأعداء استخدام بعض أبناء دولنا ليكون عونا لهم على حربنا ونشر الإشاعات ضدنا، فما من دعاية ضلال وانحراف ونفاق إلا دعموه وآووه وفتحوا له المنابر والمحافل، ليخدع الجهال ويلبس على الناس، يهربون من بلدانهم إلى بلدان الكفر ليجد الحرية في الطعن في بلاده ويكون معول هدم لها، وهذه المكيدة أيضا قديمة، {وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون} فكم دخل في الإسلام من هو ليس من أهله ثم يرجع حربا عليه مكيدة من أعداء الإسلام. وكم استغل الأعداء كثيرا من أبنائنا فجعلوهم حربا علينا، فاستغلوا أهل التكفير والغلو فيه ليكونوا أحزمة ناسفة وقنابل موقوتة في بلداننا وبلدان المسلمين، فما تحدث فتنة في بلد من بلدان المسلمين إلا وجدت هؤلاء يقيمون فيه دويلة أو إمارة لهم، وكم استغلوا كثيرا من الأحزاب وأهل البدع شعروا أم لم يشعروا ليكونوا أدوات معارضة ودعاة خروج وإفساد وإن زعموا الإصلاح والصلاح، فقد روى البخاري في صحيحة عن أبي إدريس الخولاني “ أنه سمع حذيفة بن اليمان يقول: كان الناس يسالون الرسول صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يد ركني، فقلت يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر ؟ فقال: نعم، قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير ؟؟ قال: نعم وفيه دخن 0 قلت: وما دخنه ؟ قال: قوم يهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر، قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر ؟ قال: نعم دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها، قلت: يا رسول الله صفهم لنا، قال هم من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا. فيتسلط هؤلاء الذين هم أدوات في أيدي الأعداء على أهل السلام وبلدان المسلمين كما وصفهم رسول الله ﷺ بقوله: (يقْتُلُونَ أَهْلَ الْإِسْلَامِ وَيَدَعُونَ أَهْلَ الْأَوْثَانِ ).
  • عباد الله:
يجب علينا في خضم هذه الفتن لزوم السمع والطاعة لولاة أمورنا في المعروف والوقوف معهم في خندق واحد ضد من يريد بنا شراً، وأن نساهم في قوة وطننا وعزته بما نستطيع، ومن ذلك أن يقوم كل واحد منا بالواجب عليه تجاه ربه بعبادته وحده وعدم الإشراك به فالعز والمجد والسؤدد إنما هو في إفراد الله بالعبادة، وأن يقوم كل منا بالواجب عليه تجاه بيته وأسرته ووظفيته وعمله، فالوطن إنما يقوم بأيدينا جميعاً. وأن نساهم في نشر محاسن بلداننا وما أكثرها لنواجه بها حملات التشويه المتعمدة التي تخفي المحاسن، وأن نناصر دولتنا وولاة أمورنا بالدعاء الصادق المخلص سراً وجهراً ولنحرص على ساعات الإجابة، فهم أحق الناس بدعائنا، لندعُ لهم بالنصر والتمكين والصلاح والعافية وحسن البطانة وأن يقيهم الله شر الأشرار وكيد الفجار، ولنحرص أيضاً على الدعاء على أعداء عقيدتنا وديننا ومنهجنا وحسادنا على نعمتنا ممن يكيدون لنا ليلا ونهاراً فإن الدعاء سلاح عظيم لا ينبغي إغفاله ولا التساهل به فإن الله قريب يجيب دعوة الداعي إذا دعاه.