حقوق النبي ﷺ ووجوب الأخذ بسنته
حقوق النبي ﷺ ووجوب الأخذ بسنته
  | 1189   |   طباعة الصفحة


  • خطبة بعنوان: حقوق النبي  ووجوب الأخذ بسنته.
  • ألقاها الشيخ الدكتور: خالد بن ضحوي الظفيري - حفظه الله تعالى
  • المكان: خطبة في يوم 2 ذي القعدة 1445هـ في مسجد السعيدي بالجهرا.

 
  • الخطبة الأولى:
  إِنَّ الحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ( .
  • عباد الله:
إن لرسولنا الكريم –صلى الله عليه وسلم- مكانةً عظيمة، ومنزلةً رفيعة لم يبلغها أحدٌ من الخلق فهو سيد ولد آدم يوم القيامة، آدمُ ومن دونه تحت لوائه –صلى الله عليه وسلم- ولقد أوتي الشفاعة العظمى التي اعتذر عنها أولوا العزم من الرسل, والتي اختصه الله وآثره بها على العالمين, ولقد كرمه ربه -عز وجل-، واختصه بمكرمات جزيلة لم يعطها لأحدٍ من قبله من الأنبياء -صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين-، وكلهم له منزلةٌ رفيعةٌ عند ربه, فعن أبي هريرة: أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: (فضلت على الأنبياء بستٍ؛ أعطيت جوامع الكلم, ونصرة بالرعب، وأحلت لي الغنائم, وجعلت لي الأرض مسجدًا وطهورا, وأرسلت إلى الخلق كافة, وختم بي النبيون) رواه مسلم, وفي حديث جابرٍ: (وأعطيت الشفاعة) متفقٌ عليه. وقال تعالى في بيان منزلته صلى الله عليه وسلم وصفاته الكريمة: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾، وكان النبي –صلى الله عليه وسلم- أكرم الناس خُلُقًا ﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾، قالت عائشة: كان خلقه القرآن، ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ﴾، وعن عبد الله ابن عمرو –رضي الله عنه- قال: لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم فاحشًا ولا متفحشًا، وكان يقول: (إن من خياركم أحسنكم أخلاقا)، وعن أبي سعيدٍ الخدري –رضي الله عنه- قال: كان النبي –صلى الله عليه وسلم- أشد حياءً من العذراء في خدرها، وعن أنس –رضي الله عنه- قال: كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أحسن الناس خلقا. كما كان كاملًا في شجاعته –عليه الصلاة والسلام-، فعن أنس ابن مالك –رضي الله عنه- قال: كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أحسن الناس، وكان أجود الناس، وكان أشجع الناس، وكذلك كان -عليه الصلاة والسلام- أعلم الناس بالله، وأشدهم له خشية كما في حديث أنس –رضي الله عنه- قال: قال النبي -عليه الصلاة والسلام: (أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له) رواه البخاري. فرسولنا –صلى الله عليه وسلم- هو أفضل الرسل, له فضائل كثيرة ومحاسن عديدة، بشّر به الرسل من قبله، وجاء ذكره في التوراة والإنجيل، وإن له علينا -صلى الله عليه وسلم- حقوقًا كثيرة، فمن حقوقه طاعته واتباعه، واتباع ما جاء به من عند الله، والإيمان به، وأنه رسول الله حقًا أرسله الله إلى الإنس والجن بشيرًا ونذيرا، والإيمان بعصمته فيما بلغه عن ربه، وأنه خاتم النبيين، وأنه قد بلغ رسالته على أكمل الوجوه، ومن حقوقه وجوب نصرته، وتوقيره، والتأدب معه -عليه الصلاة والسلام-، وألا نرضى عليه السوء، ونبغض كل من يتعرض له أو يسبه ولو كان أقرب قريبٍ، ومن حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم على الأمة الاحتكام إليه في كل أمرٍ يختلفون فيه من العقائد والأخلاق والعبادات والمعاملات وسائر شؤون الحياة، ومن حقوقه صلى الله عليه وسلم وجوب محبته أكثر من النفس والمال والولد والناس أجمعين، ومن حقوقه –صلى الله عليه وسلم- على أمته أن يصلوا، ويسلموا عليه كما أمرهم بذلك ربهم ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾، ومن حقوقه –صلى الله عليه وسلم- على الأمة الإسلامية احترام أصحابه، وأهل بيته، وزوجاته، وموالاتهم، وبيان فضائلهم، ومزاياهم العظيمة والذبّ عن أعراضهم، وبغض من يتعرض لصحابته الكرام أو أحدٍ منهم، فحقوق المصطفى علينا كثيرة فأدوها عباد الله على أكمل الوجوه، واجتهدوا في ذلك، لتكونوا من أهل السعادة في الدنيا والآخرة. أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ، إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.
  • الخطبة الثانية
الحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنِ اتَّبَعَ هُدَاهُ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
  • أَمَّا بَعْدُ:
فَأُوصِيكُمْ -عِبَادَ اللهِ- وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ، فَمَنِ اتَّقَى اللهَ وَقَاهُ، وَنَصَرَهُ وَكَفَاهُ.
  • عباد الله:
لقد جاءت الأحاديث المتكاثرة عن النبي في وجوب الأخذ بسنته، والعمل بها والتسليم لأوامره والتصديق بأخباره، (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)، وسنته كل ما صح عنه من قول أو فعل أو تقرير، فعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قال: (من أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَمَنْ أَطَاعَ أَمِيرِي فَقَدْ أَطَاعَنِي وَمَنْ عَصَى أَمِيرِي فَقَدْ عَصَانِي). [متفق عليه]، وبين أن الاتباع له من أعظم أسباب دخول الجنة والسلامة من النار، فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: « كُلُّ أُمَّتِى يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ، إِلاَّ مَنْ أَبَى». قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَنْ يَأْبَى؟!. قَالَ: «مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى». [رواه البخاري].
  • عباد الله:
أخبر نبينا عن أقوام يعارضون سنته ولا يأتمرون بأمره ولا يقتدون بفعله، ويُفرقون بين القرآن والسنة، مع أن السنة لا تعارض القرآن فهي مبينة له وموضحة، (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)، والسنة وحي كما أن القرآن وحي، فعن الْمِقْدَامِ بن معديكرب عن رسول اللَّهِ أَنَّهُ قال: (ألا إني أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ معه، ألا يُوشِكُ رَجُلٌ شَبْعَانُ على أَرِيكَتِهِ يقول: عَلَيْكُمْ بهذا الْقُرْآنِ فما وَجَدْتُمْ فيه من حَلَالٍ فَأَحِلُّوهُ، وما وَجَدْتُمْ فيه من حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ). [رواه أبو داود وصححه الألباني]، فلا يجوز معارضة سنته بالعقول والأهواء، ولا ردها لقول أحد كائن من كان، فعن عمر بن عبد العزيز  رحمه الله قال: «لا رأي لأحد مع سُنة رسول الله )، وقال أحمد بن حنبل: (منْ رَدَّ حَدِيثَ النَّبِيِّ فَهُوَ عَلَى شَفَا هَلَكَةٍ)، وعن أبي قلابة قال: (إذا حدثت الرجل بالسنة فقال دع ذا وهات كتاب الله فاعلم أنه ضال).  فاتبعوا عباد لله ولا تبتدعوا فقد كفيتم. اللهم وفقنا لمرضاتك ووفقنا لاتباع كتابك وتحكيم سنة نبيك ....