رمضان أقبل يا باغي الخير
رمضان أقبل يا باغي الخير
  | , 4827   |   طباعة الصفحة


  • العنوان: رمضان أقبل يا باغي الخير.
  • القاها: الشيخ الدكتور خالد بن ضحوي الظفيري حفظه الله تعالى.
  • المكان: خطبة جمعة في مسجد السعيدي بالجهراء 15 شعبان 1435هـ.

   
  • الخطبة الأولى:
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله أما بعد،،، فإن أصدق الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمدٍ -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة، وكل ضلالةٍ في النار أما بعد،،، عباد الله فإن قلوب المسلمين فرحةٌ مستبشرةٌ بمقدم شهرٍ عظيمٍ وهو شهر رمضان. أسأل الله -عز وجل- أن يبلغناه، وأن يرزقنا صيامه وقيامه على الوجه الذي يُرضيه عنا، وحُق لنا أن نفرح به، ونستبشر فقد أعد الله فيه من الخير والفضل ما ليس في شهرٍ غيره هو شهر الصيام الذي يمثل الركن الرابع من أركان الإسلام كما جاء في حديث ابن عمر - رضي الله عنهما-: «فمن صامه إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه». هو شهر القيام شرع الله قيامه فمن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه. فيه ليلةٌ خيرٌ من ألف شهر هي ليلة القدر التي أُنزل فيها القرآن من قامها إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه هو شهر القرآن فيه أُنزل، وفيه يُشرع للمسلم أن يجتهد في قراءته، وتلاوته، وتدبره ما لا يجتهد في غيره. فقد كان جبريل -عليه السلام- ينزل على محمدٍ -صلى الله عليه وسلم- في رمضان فيُعارضه القرآن الكريم هو شهر البِر، والجود، والبذل، والعطاء. فقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان. يقول نبينا -عليه الصلاة والسلام-: «رمضانٌ شهر مبارك تُفتّح أبواب الجنة، وتُغلق فيه أبواب السعير، وتُصفد فيه الشياطين، ويُنادي منادٍ كل ليلة يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر». إن شهرًا بهذه المثابة، وموسمًا بهذا القدر حريٌ بالمسلم أن يستعد له أحسن استعداد فمن كان عليه شيءٌ من رمضان الفائت، ولم يقضه فليبادر إلى القضاء قبل دخول رمضان عليه فإن لم يفعل لغير عذرٍ فإن عليه الإثم، وذكروا بذلك نسائكم فتكثر الغفلة عند النساء في هذا الباب. وألا يصوم المسلمون إلا إذا ثبت دخول الشهر بأحد طرقين لا ثالث لهما؛ وهو رؤية الهلال، وهو رؤية هلال رمضان فإن لم يُرى فـ بإتمام شعبان ثلاثين يوما، ولا عبرة بالحساب الفلكي ولا مدخل له في الرؤية للنص على طرق دخول الشهر في صحيح السنة، ولإجماع أهل العلم على ذلك فليحتسب أهل الخبرة، وأهل الإبصار السليم على ترائي الهلال؛ طلبًا للأجر والمثوبة. ويستعد المسلم كذلك يتعلم أحكام الصيام، والقيام، والتفقه فيها، وكذلك تعلم أحكام الاعتكاف، والاعتمار لمن أراد شيئًا منهما في هذا الشهر، والسؤال عما يُشكل عليك من أحكام الصيام، فإن العبادة لا ينتفع صاحبها إلا كانت خالصةً لوجه الله الكريم، وكانت موافقةً لهدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. وكذلك لا يجوز تقديم رمضان بصيام يومٍ أو يومين إلا لمن كانت له عادةٌ في الصيام. أما الصيام قبله للاحتياط فهذا لا يجوز. ففي الصحيح عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: «لا تقدموا رمضان بصوم يومٍ ولا يومين إلا رجلٌ كان يصوم صومًا فليصمه». عباد الله ها نحن نرى أكثر الناس أو كثيرًا منهم أخذ يستعد لرمضان بتوفير أنواع المطاعم، والمآكل، والمشارب مع أنهم لو أكلوا فيه ما يأكلون في غيره ما ضرهم شيء، فالبطون هي البطون، والأجساد هي الأجساد، فالمحذور هو المبالغة في المشتريات، والدخول في حد الإسراف والتبذير الذي نهى الله عنه، ونهى عنه رسوله -صلى الله عليه وسلم- فتُنفق الأموال الطائلة في كمياتٍ يكون مصير كثيرٍ منها إلى المزابل والعياذ بالله. إننا بفضل الله وبحمده لسنا مقدمين على مجاعةٍ ولا على حربٍ بل مقدمون على رمضان شهر الصيام والقيام، والذي يُطلب فيه التخفيف حتى يكون أعون على صفاء القلوب، وأدعى للنشاط للقيام، وقراءة القرآن.   يقول الله -عز وجل- في وصف عباد الرحمن ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا﴾ [الفرقان:67] .وقال -عز وجل-: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا﴾ [الأعراف:31]. عباد الله إن هذا الشهر لفرصةٌ عظيمة للعودة إلى الله، والتوبة، والإقلاع عن الذنوب والمعاصي فيا صاحب الذنب تُب من ذنوبك قبل أن تندم على ما فرطت في جمب الله، ويا أيها المدخن تجهز الإقلاع عن التدخين الذي أضرك وأضر غيرك في هذه الفرصة العظيمة، ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [النور:31]. عباد الله كما أن أهل الطاعة استعدوا لهذا الشهر، فكذلك أهل الفجور استعدوا لهذا الشهر، ولكنه استعدادٌ شيطاني. إن كثيرًا من الناس أخذ يستعد له بمتابعة جداول القنوات، والشاشات، ويُتابع العروض، والإعلانات عن البرامج حتى يختار منها ما يناسبه ليتابعها في هذا الشهر والله المستعان. إن حزب الشيطان وأعوانه قد أجهدوا أنفسهم في الشهور الماضية؛ ليعرضوا أعمالهم في هذا الشهر، وبئست هي الأعمال التي أعدوها، أعدوا لكم مسلسلات التبرج، والسفور، والاختلاط، والأغاني هذا على أحسن حالتها فكيف إذا انضم إلى ذلك محاربة الدين، والفضيلة، والسخرية من الالتزام بالدين، والسخرية من الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والسخرية من العلم الشرعي وأهله، وإثارة النعرات الجاهلية، والدعوة إلى الرزيلة، والفجور، والزنا، فالخاسر المسكين هو الذي يجره الشيطان وأعوانه إلى إضاعة رمضان أمام هذه المنكرات الموبقات المهلكات، والتي تصطاد الناس بما فيها من الفُكاهة، والإثارة، ونحو ذلك من المصايد. أو أن يُضيع أكثر وقته في هذا الشهر شهر المغفرة والرحمة بمشاهدة المباريات أو الألعاب التي هي مضيعةٌ للأوقات الفاضلة فيتحسر عليها يوم القيامة. إنها حربٌ شديدة بكل ما تعنيه الكلمة حربٍ من معنى لكنها حربٌ معنوية مسلطةٌ على القلوب يذهب ضحاياها كثيرٌ من المسلمين، ولا يسلم منها إلا القليل، فلنأخذ أنفسنا بالحزم، ولنستعد ليوم العرض، ولنصن رمضان عن كل ما يُدنس طهره، ونقاءه، ويصرفه عن كونه شهر اجتهادٍ في الطاعة إلى شهر غفلةٍ، ومعصيةٍ، وإضاعة. عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: «ليس الصيام من الأكل والشرب إنما الصيام من اللغو والرفث، فإن سابك أحدٌ أو جهل عليك فقل إني صائم، إني صائم». اللهم إنا نسألك أن تبلغنا رمضان، وأن ترزقنا صيامه، وقيامه على الوجه الذي يُرضيك عنا يا رب العالمين. أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنبٍ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.  
  • الخطبة الثانية:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه أما بعد،،، عباد الله لا تنسوا إخوانكم من الفقراء من جيرانكم، وأقاربكم، ومن تعرفون، فأعينوهم على مصاريف هذا الشهر، وجهزوهم صدقةً لله بما تُجهزون به أنفسكم يكتب الله لكم أجر صيامكم، وصيامهم فكم من أهل بيتٍ يأكلون، ويُسرفون في الطعام، وجيرانهم لا يجدون ما يُطعمون به أولادهم. عباد الله إني لأقترح على من كان لديه مُؤجري أن يخفف عنهم قيمة الإيجار لله تعالى في هذا الشهر إعانةً لأخيه المسلم على ما هو مُقبلٌ عليه من مصاريف الشهر، والعيد، والإجازة، فالله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، وهذا الذي تُنقصه لا يكون إلا صدقةً لك، وأجرًا عند ربك. عباد الله بعض الناس للأسف يُعد العدة لسفر السياحة فيأخذ له الإجازة الطويلة من عمله، فإذا جاء رمضان قال: لا أستطيع الصوم مع العمل، فهذا لم يستعد لرمضان، ولم يحسب حساب الطاعة، والتفرغ لها. فمن كان له عملٌ فليجعل إجازته لعبادة الله، والتفرغ لقراءة القرآن، وصلاة الليل، والسفر للعمرة. اللهم بلغنا رمضان، ووفقنا لصيامه، وقيامه. اللهم اجعله لنا شهر خيرٍ وبركةٍ يا رب العالمين. اللهم اجعلنا من المغفورين لهم في هذا الشهر، اللهم اجعلنا من المقبولين في هذا الشهر. ربنا اغفر لنا، ولوالدينا، وللمؤمنين، والمؤمنات الأحياء منهم والأموات. ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة وقِنا عذاب النار. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.