استعدوا يا أهل الإيمان لاستقبال رمضان
استعدوا يا أهل الإيمان لاستقبال رمضان
  | , 7329   |   طباعة الصفحة


  • العنوان: استعدوا يا أهل الإيمان لاستقبال رمضان
  • القاها: الشيخ الدكتور خالد بن ضحوي الظفيري حفظه الله تعالى
  • المكان: خطبة جمعة في مسجد السعيدي بالجهراء 25 شعبان عام 1436هـ، ونقلت مباشراً على إذاعة موقع ميراث الأنبياء.

 
  • الخطبة الأولى:
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله أما بعد،،، فإن أصدق الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمدٍ -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة، وكل ضلالةٍ في النار أما بعد،،، عباد الله فإن قلوب المسلمين فرحةٌ مستبشرةٌ بمقدم شهرٍ عظيمٍ وهو شهر رمضان. أسأل الله -عز وجل- أن يبلغناه، وأن يرزقنا صيامه وقيامه على الوجه الذي يُرضيه عنا، وحُق لنا أن نفرح به، ونستبشر فقد أعد الله فيه من الخير والفضل ما ليس في شهرٍ غيره هو شهر الصيام الذي يمثل الركن الرابع من أركان الإسلام كما جاء في حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-: «فمن صامه إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه». هو شهر القيام شرع الله قيامه فمن قام رمضان إيمانًا واحتسابا غُفر له ما تقدم من ذنبه. فيه ليلةٌ خيرٌ هي خير من ألف شهر هي ليلة القدر التي أنزل الله –عز وجل- فيها القرآن من قامها إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه هو شهر القرآن فيه أُنزل، وفيه يُشرع للمسلم أن يجتهد في قراءته، وتلاوته، وتدبره ما لا يجتهد في غيره. فقد كان جبريل -عليه السلام- ينزل على محمدٍ -صلى الله عليه وسلم- في رمضان فيُعارضه القرآن، هو شهر البِر، والجود، والبذل، والعطاء. فقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان. وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «رمضانٌ شهر مبارك تُفتّح أبواب الجنة، وتُغلق فيه أبواب السعير، وتُصفد فيه الشياطين، ويُنادي منادٍ كل ليلة يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر». إن شهرًا بهذه المثابة، وموسمًا بهذا القدر العظيم حريٌ بأن يستعد له أحسن استعداد: ومن خير ما يُستعد به لهذا الشهر ما يتلخص في المسائل التالية:                                   -أولًا: من كان عليه شيءٌ من رمضان الفائت، ولم يقضه فليبادر إلى القضاء قبل دخول رمضان عليه فإن لم يفعل لغير لغير عذر أثِم، وعليه بعد أن يصوم رمضان الحاضر أن يقضي ما فاته وأن يطعم عن كل يوم مسكينا.                                                                              - وثانيا: ألا يصوم المسلمون إلا إذا ثبت دخول الشهر بأحد طريقين لا ثالث لهما: - وهو رؤية هلال شهر رمضان. - فإن لم يُرى فبإتمام شعبان ثلاثين يوما ولا عبرة بالحساب الفلكي، ولا مدخل له بالرؤية للنص على طرق دخول الشهر في صحيح السنة ولإجماع أهل العلم على ذلك، فليحتسب أهل الخبرة وأهل الإبصار السليم على ترائي الهلال طلبًا للأجر والمثوبة. - وثالثا: بتعلم أحكام الصيام والقيام والتفقه فيها، وكذا تعلم أحكام الاعتكاف والاعتمار لمن أراد شيئًا منهما في هذا الشهر، والسؤال عمَّا يُشكل عليك من أحكام الصيام؛ فإنَّ العبادة لا ينتفع بها صاحبها إلا إذا كانت خالصةً لوجه الله وكانت موافقة لهدي رسول الله –صلى الله عليه وسلم-. وكذلك لا يجوز تقدُّم رمضان بصيام يوم أو يومين إلا لمن كانت له عادة في الصيام، أما الصيام قبله بيومٍ للاحتياط فهذا لا يجوز؛ ففي الصحيح عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لَا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصِيَامِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ إِلَّا رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمًا فَلْيَصُمْهُ». عباد الله ها نحن نرى أكثر الناس أو كثيرًا منهم أخذ يستعد لرمضان بتوفير أنواع المطاعم، والمآكل، والمشارب مع أنهم لو أكلوا فيه ما يأكلون في غيره ما ضرهم شيءٌ، فالبطون هي البطون، والأجساد هي الأجساد، فالمحذور هو المبالغة في المشتريات، والدخول في الإسراف والتبذير الذي نهى الله –عز وجل-عنه، ونهى عنه رسوله -صلى الله عليه وسلم- فتُنفق الأموال الطائلة في كمياتٍ يكون مصير كثيرٍ منها إلى المزابل والعياذ بالله. إننا بفضل الله وبحمده لسنا مقدمين على مجاعة ولا على حربٍ بل مقدمون على رمضان شهر الصيام والقيام والتخفيف، وأدعى على النشاط للقراءة ولقيام الليل. يقول -عز وجل- في وصف عباد الرحمن ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا﴾ [الفرقان:67] .وقال -عز وجل-: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا﴾ [الأعراف:31]. عباد الله إن هذا الشهر لفرصةٌ عظيمة للعودة إلى الله –عز وجل-، والتوبة، والإقلاع عن الذنوب والمعاصي فيا صاحب الذنب تُب من ذنوبك قبل أن تندم على ما فرطت في جمب الله، ويا أيها المدخن تجهز الإقلاع عن التدخين الذي أضرك وأضر غيرك في هذه الفرصة العظيمة، ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [النور:31].                                                                                                       أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنبٍ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.  
  • الخطبة الثانية:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه، أما بعد: عباد الله: كما أنَّ أهل الطاعة استعدوا لهذا الشهر فكذلك أهل الفجور استعدوا لهذا الشهر ولكنه استعداد شيطاني، إن كثيرًا من الناس أخذ يستعد له بمتابعة جداول القنوات والشاشات ويتابع العروض والإعلانات عن البرامج حتى يختار ما يناسبها أو ما يناسبه ليتابعها في هذا الشهر والله المستعان. إن حزب الشيطان وأعوانه قد أجهدوا أنفسهم في الشهور الماضية ليعرضوا أعمالهم في هذا الشهر، وبئست هي الأعمال التي أعدوها؛ أعدوا لكم مسلسلات التبرج والسفور والاختلاط والأغاني، هذا على أحسن حالاتها، فكيف إذا انضم إلى ذلك محاربة الدين والفضيلة والسخرية من الالتزام بالدين والسخرية من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والسخرية من العلم الشرعي وأهله، وإثارة النعرات الجاهلية، والدعوة إلى الرذيلة والفجور. فالخاسر المسكين هو الذي يجره الشيطان الرجيم وأعوانه إلى إضاعة شهر رمضان أمام هذه المنكرات الموبقات المهلكات، والتي تصطاد الناس بما فيها من الفكاهة والإثارة ونحو ذلك من المصاعد، إنها حرب شديدة بكل ما تعنيه كلمة الحرب من معنى؛ لكنها حربٌ معنوية مسلَّطةٌ على القلوب، يذهب ضحاياها كثيرٌ من المسلمين ولا يسلم منها إلا القليل، فلنأخذ أنفسنا بالحزم ولنستعد ليوم العرض، ولنصن رمضان من كل ما يدنّس طهره ونقائه ويصرفه عن كونه شهر اجتهادٍ في الطاعة إلى شهر اجتهادٍ في غفلة ومعصيةٍ وإضاعة. عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «لَيْسَ الصِّيَامُ مِنَ الأَكْلِ وَالشُّرْبِ إِنَّمَا الصِّيَامُ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ، فَإِنْ سَابَّكَ أَحَدٌ أَوْ جَهِلَ عَلَيْكَ فَقُلْ: إِنِّي صَائِمْ إِنِّي صَائِمْ». اللهم إنا نسألك أن تبلغنا رمضان، اللهم إنا نسألك أن تبلغنا رمضان، وأن تجعلنا من أهل الصيام والقيام يا رب العالمين، وأن تتقبله منا يا سميع الدعاء، وأن ترزقنا صيامه وقيامه على الوجه الذي يرضيك عنا. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.