شرح ثلاثة الأصول (الدرس الثالث)
شرح ثلاثة الأصول (الدرس الثالث)
  | ,, 1345   |   طباعة الصفحة


  • العنوان: شرح كتاب: ثلاثة الأصول. لشيخ الإسلام المجدد: محمد بن عبد الوهاب ( رحمه الله ) الدرس الثالث والأخير.
  • القاه: الشيخ الدكتور: خالد بن ضحوي الظفيري حفظه الله تعالى.
  • المكان: درس القاه في يوم الأحد 11 شعبان لعام 1441هـ - عبر إذاعة ميراث الأنبياء الرئيسية.

المتن.  
  • الأصلُ الثَّاني: معرفةُ دين الإسلامِ بالأدلةِ، وهو الاستسلامُ للهِ بالتوحيدِ، والانقيادِ له بالطاعةِ، والبراءة مِنَ الشِّركِ وأهلِهِ؛ وهو ثلاثُ مراتبَ: الإسلامُ، والإيمانُ، والإحسانُ، وكلُّ مرتبةٍ لها أركانٌ.
  • فأركانُ الإسلامِ خمسةٌ: شهادةُ أنْ لا إلـٰه إلاّ اللهُ، وأنَّ محمدًا رسولُ اللهِ، وإقامُ الصلاةِ، وإيتاءُ الزكاةِ، وصومُ رمضانَ، وحجُّ بيتِ اللهِ الحرامِ.
فدليلُ الشّهادةِ قولُهُ تعالى: ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾[آل عمران:18]، ومعناها لا معبودَ بحقٍّ إلا اللهُوحده؛ (لا إلـٰه) نافيًا جميعَ مَا يُعْبدُ مِنْ دونِ اللهِ، (إلا الله) مُثْبِتًا العبادةَ للهِ وحدَهُ لا شريكَ لهُ في عبادتِهِ، كما أنَّه ليس له شريك في مُلْكِهِ، وتفسيرُها الذي يوضِّحُها قولُه تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (26) إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ (27) وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾[الزخرف:26-28]، وقولُه تعالى: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾[آل عمران:26]. ودليلُ شهادةِ أنَّ محمدًا رسولُ اللهِ قولهُ تعالى: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾[التوبة:128]، ومعنى شهادةِ أنَّ محمدًا رسولُ اللهِ: طاعتُهُ فيما أَمَرَ، وتصديقُهُ فيما أَخْبَرَ، واجتنابُ ما عنْهُ نهى وزَجَرَ، وأنْ لا يُعبدَ اللهُ إلاَّ بما شَرَعَ. ودليلُ الصلاةِ، والزكاةِ، وتفسيرُ التَّوحيدِ قولُه تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ﴾[البينة:5]. ودليلُ الصيامِ قولُه تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾[البقرة:183]. ودليلُ الحجِّ قولُه تعالى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾[آل عمران:97]. مرتبةُ الإيمانِ: الإيمانُ، وهو بضعٌ وسبعونَ شعبَة، فأعلاها قولُ لا إلـٰه إلاّ الله، وأدْناها إماطةُ الأذَى عنِ الطريقِ، والحياءُ شعبةٌ مِنَ الإيمانِ، وأركانُهُ سِتَّة: أنْ تؤمنَ بالله، وملائكَتِهِ، وكتبِهِ، ورُسُلِهِ، واليومِ الآخرِ، وبالقَدَرِ خيرِهِ وشرِّهِ، والدليلُ على هٰذه الأركانِ الستَّةِ قولُه تعالى: ﴿لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ﴾[البقرة:177]، ودليلُ القَدَرِ قوله تعالى: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾[القمر:49]. المرتبةُ الثالثةُ: الإحسانُ، ركنٌ واحدٌ، وهو أنْ تعبدَ اللهَ كأنَّك تَراهُ فإنْ لم تكنْ تَراهُ فإنَّه يَراكَ، والدليلُ قولُهُ تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ﴾[النحل:128]، وقولُهُ تعالى: ﴿وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (217) الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ (218) وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (219) إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾[الشعراء:217-220]، وقولُهُ تعالى: ﴿وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ﴾[يونس:61] الآية. والدليلُ مِنَ السُّنَّة حديثُ جبريل المشهور عن عمر -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قال: بينما نحن جُلوسٌ عند رسولِ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذات يوم، إذا طلع علينا رجلٌ شديدٌ بياضِ الثياب، شديد سوادِ الشَّعر، لا يُرى عليه أثَرُ السَّفر، ولا يعرفه مِنَّا أحد، حتّى جلس إلى النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فاسند رُكبَتَيْه إلى رُكبَتَيْه، ووضع كَفَّيْه على فخذيه، وقال: يا مُحَمَّدُ؛ أَخْبِرْنِي عَنِ الإسلام. فقال رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((الإِسْلاَمُ أن تَشْهَدَ أَن لا إلَهَ إلاَّ الله، وَأَنَّ مُحَمَدََا رَسُولُ الله، وَتُقِيمَ الصَلاةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وتَصُومَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إِنِ اِسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلا))، قال: صَدَقْتَ. فعجبنا له: يسأله ويُصَدِّقُه! قال: فأخبرني عن الإيمان؟ قال: ((أنْ تُؤْمِنَ بِالله وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُِلهِ وَاليَوْمِ الآخِرْ،وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرَّهِ))، قال: صدقت. قال: فأخبرني عن الإحسان؟ قال: ((أَنْ تَعْبُدَ الله كَأَنَّك تَرَاهُ، فَإنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهْ فَإِِنَّهُ يَرَاكْ)). قال: فََأَخْبِرِْني عَنْ السَّاعة؟ قال: ((مَا المَسْؤُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ». قال: فََأَخْبِرِْني عَنْ أَمَارَاتِهَا؟ قال: ((أَنْ تَلِِدَِِ رَبَّتَهَا، وَأَنْ تَرَى الْحُفَاَةََ الْعُرَاةَ الْعَالَةََ رِعاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ فِي الْبُنْيَانِ)). قال: فَمَضَى فَلَبِثنا مَلََََََََِيا، فقال: ((يَا عُمَرُ، أَتَدْرِي مَنِ السَّائِلُ؟)) قلت: الله ورسوله أعلَم، قال: ((فَإِنَّهُ جِبْرِيلُ، أَتَاكُمُ يُعَلِمُكُمْ دِينَكُمْ)). الأصلُ الثالثُ: معرفةُ نبيكُمْ محمدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وهو محمدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ عبدِ المطلبِ بنِ هاشمٍ، وهاشمُ مِنْ قريشٍ، وقريشٌ مِنَ العربِ، والعربُ مِنْ ذرّيّةِ إسماعيلَ بنِ إبراهيمَ الخليلِ، عليْهِ وعلى نبيّنا أفضلُ الصَّلاةِ والسّلامِ، وله مِنَ العُمْرِ: ثلاثٌ وسِتُّونَ سنةً، منها أربعون قبل النُّبُوَّةِ، وثلاثٌ وعشرون نبيّا رسولا، نُبِّئَ بِـ (اقرأ) وأُرْسِلَ بـ(المدّثر)، وبلدُهُ مكّةَ، بعثَهُ اللهُ بالنَّذَارَةِ عنِ الشِّركِ، ويدعُو إلى التَّوحيدِ، والدليلُ قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5) وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ (6) وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ﴾[المدثر:1-7] ومعنى ‏﴿‏قُمْ فَأَنذِرْ‏﴾‏ يُنْذِرُ عنِ الشِّركِ ويدعُو إلى التَّوحيدِ، ‏﴿‏وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ‏﴾‏ أي: عَظِّمْهُ بالتَّوحيدِ، ‏﴿‏وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ‏﴾‏ أي: طَهِّرْ أعمالَكَ عنَ الشِّركِ، ‏﴿‏وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ‏﴾‏ الرُّجْزُ: الأصنامُ، وهجرُها تَرْكُها وأهلِها، والبراءَة منها وأهلِها. أخذَ على هٰذا عشْرَ سِنينَ يدعُو إلى التوحيدِ، وبعدَ العشْرِ عُرِجَ به إلى السماءِ وفُرِضَتْ عليه الصلواتُ الخمسُ، وصلَّى في مكّةَ ثلاثَ سنينَ، وبعدَها أُمِرَ بالهجرةِ إلى المدينةِ. وصلَّى في مكّةَ ثلاثَ سنينَ، وبعدَها أُمِرَ بالهجرةِ إلى المدينةِ. والهجرةُ: الانتقالُ مِنْ بلدِ الشِّركِ إلى بلدِ الإسلامِ، والهجرةُ فَرِيضةٌ على هٰذه الأمّةِ مِنْ بَلَدِ الشِّركِ إلى بلدِ الإسلامِ، وهي باقيةٌ إلى أنْ تقومَ الساعةُ، والدليلُ قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (97) إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً (98) فَأُوْلَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا﴾[النساء:97-99]، وقوله تعالى: ﴿يَا عِبَادِي الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ﴾[العنكبوت:56]، قالَ البَغَوِيُّ رحمهُ اللهُ: سببُ نزولِ هٰذه الآيةِ في المسلمين الذين بمكَّةَ لم يهاجِرُوا؛ ناداهُم اللهُ باسمِ الإيمانِ. والدليلُ على الهجرةِ من السُّنَّةِ قولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا تَنْقَطِعُ الهجرَةُ حتَّى تَنْقَطعَ التَّوبةُ ولا تنقطعُ التّوبةُ حتّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا»( ). فلمَّا استقرَّ بالمدينةِ أُمِرَ ببقيَّةِ شرائعِ الإسلامِ مثلُ الزكاةِ، والصّومِ، والحجِّ، والأذانِ، والجهادِ، والأمرِ بالمعروفِ والنهيِ عنِ المنكرِ وغيرِ ذلكَ مِنْ شرائعِ الإسلامِ. أخذَ على هٰذا عَشَرَ سنينَ، وبعدَها تُوُفِّيَ -صلواتُ اللهِ وسلامُهُ عليهِ- ودينُهُ باقٍ. وهٰذا دينُه، لا خيرَ إلاَّ دَلَّ الأمَّةَ عليهِ، ولا شَرَّ إلاَّ حَذَّرَهَا منْه. والخيُر الذي دلَّهَا عليْه: التَّوحيدُ، وجميعُ ما يُحِبُّهُ اللهُ ويرضاهُ. والشَّرُّ الذي حَذَّرَهَا منه: الشِّركُ وجميعُ ما يكرَهُهُ اللهُ ويأباهُ. بعثَهُ اللهُ إلى الناسِ كافَّة، وافترضَ طاعَتَه على جميعِ الثّقلينِ: الجنِّ والإنسِ، والدليلُ قولُهُ تعالى: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا﴾[الأعراف:158]. وكمَّلَ اللهُ به الدينَ والدليلُ قوله تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِينًا﴾[المائدة:03]. والدليلُ على موتِهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قولُهُ تعالى: ﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (30) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ﴾[الزمر:30-31]. والناسُ إذَا ماتُوا يُبْعَثُونَ، والدليلُ قولُهُ تعالى: ﴿مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى﴾[طه:55]، وقولُهُ تعالى: ﴿وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنْ الأَرْضِ نَبَاتًا(17)ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا﴾[نوح:17-18]. وبعدَ البَعْثِ محاسبُونَ ومَجزيُّونَ بأعْمالِهمْ والدليلُ قولُهُ تعالى: ﴿وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى﴾[النجم:31]، ومَنْ كَذَّبَ بالبعثِ كَفَرَ، والدليلُ قولُهُ تعالى: ﴿زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾[التغابن:07]. وأرسلَ اللهُ جميعَ الرُّسلِ مبشِّرينَ ومُنذرينَ، والدليلُ قولُهُ تعالى: ﴿رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ﴾[النساء:165]، وأولُهُمْ نوحٌ عليهِ السلامُ، وآخِرُهُم محمدٌ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو خاتمُ النَّبيينَ والدليلُ على أنَّ أوَّلُهُم نوح قوله تعالى: ﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ﴾[النساء:163]، وكلُّ أمَّةٍ بعثَ اللهُ إليها رسولاً مِنْ نوحٍ إلى محمدٍ يأمُرُهُمْ بعبادةِ اللهِ وحدَهُ، ويَنْهَاهُمْ عنْ عبادَةِ الطاغوتِ، والدّليلُ قولُهُ تعالى: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنْ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾[النحل:36]، وافترضَ اللهُ على جميعِ العبادِ الكفرَ بالطاغوتِ والإيمانَ باللهِ، قال ابنُ القيِّمِ رحمهُ اللهُ تعالى: معنى الطاغوت ما تجاوزَ بِهِ العبدُ حدَّهُ مِنْ معبودٍ، أو متبوعٍ، أو مطاع.
  • والطواغيتُ كثيرونَ ورؤوسُهُمْ خمَسةٌ: إبليسُ لعنَهُ اللهُ، ومَنْ عُبِدَ وهو راضٍ، ومَنْ دعا الناسَ إلى عبادَةِ نفسِهِ، ومَنِ ادَّعى شيئًا مِنْ عِلمِ الغيْبِ، ومَنْ حكمَ بغيِر مَا أنزلَ اللهُ، والدليلُ قولُهُ تعالى: ﴿لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدْ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾[البقرة:256]، وهٰذا هو معنى (لا إلـٰه إلا الله)، وفي الحديثِ «رأسُ الأمْرِ الإسلامُ وعمودُهُ الصَّلاةُ وذروةُ سنَامِهِ الجهادُ في سبيلِ اللهِ».( ) واللهُ أعلمُ تَمَّتْ هٰذه الرسالة.