آداب إسلامية عامة
آداب إسلامية عامة
  | 4435   |   طباعة الصفحة


  • العنوان: آداب إسلامية عامة
  • ألقاه: الشيخ الدكتور خالد بن ضحوي الظفيري حفظه الله تعالى
  • المكان: خطبة جمعة في مسجد السعيدي بالجهراء 4 جمادى الآخرة 1435هـ ونقلت مباشرا على إذاعة موقع ميراث الأنبياء.

   
  • الخطبة الأولى:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا. من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله أما بعد.. فإن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمدٍ -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثةٍ بدعة وكل بدعةٍ ضلالة وكل ضلالةٍ في النار أما بعد.. عباد الله. لقد منَّ الله علينا بدينٍ كاملٍ شاملٍ للعقائد والأحكام، والأخلاق التي تنظيم شؤون الأفراد والجماعات والدول، كما اعتنى بالأدب والسلوك اليومي للعبد في طعامه وشرابه ولباسه، ودخوله ومخرجه وغير ذلك. وهذا عرضٌ لبعض الآداب التي حثَّنا عليها المصطفى -صلى الله عليه وسلم-. مما يكمل بها الإيمان وتتهذب بها النفوس، وتتجمل بها الأبدان، ويصلح بها حال الفرد والمجتمع. فيستحب للمسلم إذا استيقظ من نومه أن يذكر الله قائلاً: (الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور)، وأن يغسل كفيه ثلاثاً، ويستنشق و يستنثر ثلاثاً. لقوله -صلى الله عليه وسلم-: «إذا استيقظ أحدكم من منامه فليستنثر ثلاثًا، فإن الشيطان يبيت على خيشومه»، ولقوله –عليه الصلاة والسلام-: «إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثًا فإنه لا يدري أين باتت يده». متفق عليهما. فإذا أراد دخول الخلاء قال: (بسم الله، اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث)؛ أي: من الشر ومن الأنفس الشريرة. ولا يستقبل القبلة بغائطٍ ولا بولٍ ولا يستدبرها؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: «لا تستقبلوا القبلة بغائطٍ ولا بولٍ ولا تسدبروها ولكن شرقوا أو غربوا»، وقال –عليه الصلاة والسلام-: «إذا بال أحدكم فلا يمس ذكره بيمينه، وإذا أتى الخلاء فلا يتمسح بيمينه». ومما تجب العناية به الاستنزاه من بقايا البول والغائط ولاسيما (البول)؛ لأن كثيرًا من الناس يتهاون فيه وخطره عظيم ففي الحديث عن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: «استنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه». وفي الحديث الآخر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- مرَّ على قبرين فقال: «إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير: أما أحدهما فكان لا يتنزه من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة» وإذا استجمر فلا يستجمر بأقل من ثلاثة أحجارٍ، ولا يستجمر بعظمٍ ولا روثٍ، ولا يقضي حاجته في ماءٍ دائمٍ لا يجري، ولا في طريق الناس أو ظلهم فإنه من موجبات اللعنة والعياذ بالله. يقول –عليه الصلاة والسلام-: «اتقوا اللاعنين الذي يتخلى في طريق الناس أو ظلهم» رواه مسلم، وإذا خرج  قال: «غفرانك»، وأما حديث: «الحمد لله الذي اذهب عني الأذى وعافاني» فهو حديثٌ إسناده ضعيفٌ فلا تقله. وإذا لبس نعاله بدأ باليمنى، وإذا خلعها بدأ باليسرى، ولا يلبس فردةً واحدة ويمشي فيها. قال محمد بن سيرين –رحمه الله- كانوا يكرهونه، ويقولون: "لا، ولا خطوة"؛ لقوله –عليه الصلاة والسلام-: «إذا انقطع شِسع أحدكم، فلا يمش في نعلٍ واحدٍ، حتى يصلح شِسعه، ولا يمش في خفٍ واحدٍ» رواه مسلم. فإذا خرج من البيت استحب له أن يقول الذكر الوارد ومنه: (اللهم إني أعوذ بك أن أَضل أو أُضَل أو أَزل أو أُزَل، أو أًظلم أو أُظلم، أو أَجهل أو يُجهل علي) أو يقول: «بسم الله توكلت على الله. لا حول ولا قوة إلا بالله» فإنه يقال له: «كفيت ووقيت وهديت، وتنحى عنه الشيطان»، فيقول لشيطانٍ آخر: «كيف لك برجلٍ قد هدي وكفي ووقي». وإذا دخل بيته ذكر الله عند دخوله، وسلَّم على أهله، واستأذن قبل دخوله حتى لا يرى من محارمه ما يكره. عن  جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: «إذا دخل الرجل بيته فذكر الله تعالى عند دخوله وعند طعامه، قال الشيطان: "لا مبيت لكم ولا عشاء"، وإذا دخل فلم يذكر الله تعالى عند دخوله، قال الشيطان: "أدركتم المبيت"، وإذا لم يذكر الله تعالى عند طعامه، قال: أدركتم المبيت والعشاء» وعن  أنسٍ -رضي الله عنه- قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «يا بني إذا دخلت على أهلك فسلم يكن بركةً عليك وعلى أهل بيتك» رواه الترمذي. وإذا أراد أن يأكل أو يشرب سمى الله وأكل أو شرب بيمينه، وإذا فرغ حمد الله. قال عمر بن أبي سلمة -رضي الله عنه-: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : «يا غُلام سم الله، وكل بيمينك وكل مما يليك» متفقٌ عليه، وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إذا أكل أحدكم فليذكر اسم الله تعالى في أوله فإن نسي أن يذكر الله تعالى في أوله فليقل: بسم الله أوله وآخره» رواه الترمذي وأبو داود. ومعنى «كُلّ مما يليك»، أي: إذا كان الأكل صنفًا واحدًا أما إذا تعددت الأصناف فلا بأس أن يتناول منها ما اشتهى ،وإذا لم يعجبك الطعام فلا تعبه. - عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: «ما عاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- طعامًا قط إذا اشتهاه أكله وإلا تركه» رواه الترمذي وابن ماجة. ومن آداب الشرب عباد الله: - أن تشرب جالسًا. - وأن تشرب في ثلاث نفسات، ولا تتنفس في الإناء، بل تفصله عن فمك وتتنفس خارجه. فقد أرشد النبي -صلى الله عليه وسلم- في أحاديث متعددة إلى هذه الآداب العظيمة التي تعود عليك بالنفع الديني، والنفع الصحي . وإذا أراد أن يأتي أهله فليقل: «بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا فإنه إن يقدر بينهما ولدٌ لم يضره شيطانٌ أبدًا»، وإذا أراد أن يعود فليتوضأ فإنه أنشط للعود؛ أي للجماع. وإذا أراد أن ينام بعد الجنابة فيستحب له أن يتوضأ. ويستحب عند النوم نفض الفراش، وذكر الله بما تيسر مما ورد. عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال النبي –صلى الله عليه وسلم-: «إذا أوى أحدكم  إلى فراشه فلينفض فراشه بداخلة إزاره، فإنه لا يدري ما خلفه عليه، ثم يقول: "باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه إن أمسكت نفسي فارحمها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين"» رواه البخاري. وعن عائشة: «أن النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ثم نفس فيهما، فقرأ فيهما: (قل هو الله أحد)، (وقل أعوذ برب الفلق)، (وقل أعوذ برب الناس) ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده يبدأ بهما من رأسه ووجهه، وما أقبل من جسده يفعل ذلك ثلاث مراتٍ» رواه البخاري. كما على المسلم أن يعزم على القيام لصلاة الفجر، وأن يهيئ ما يعينه على الاستيقاظ لها إذا كان يعلم من نفسه ثقل نومه؛ وليحذر أن يكون ممن لا يعنيه إلا أمر وظيفته فلا يوقت منبهه إلا على وقت دوامه غير مبالٍ بالفرض، والعياذ بالله من الغفلة عن طاعته ومن التهاون بشعائره. اللهم إنَّا نسألك الفقه في الدين وأن يزيننا بمحاسن الأخلاق ومكارم الآداب إنه ولي ذلك والقادر عليه . أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنبٍ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.  
  • الخطبة الثانية:
  الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه أما بعد.. عباد الله، ومن آداب المسلم في لباسه وهيئته الظاهرة: أن يجتنب الرجل التشبه بالنساء، وأن تجتنب المرأة التشبه بالرجال فإن تشبه أحد الجنسين بالآخر كبيرةٌ من كبائر الذنوب وسببٌ عظيمٌ من أسباب لعن الله ورسوله –صلى الله عليه وسلم- لفاعله. وأن يجتنب المسلم ذكرًا كان أو أنثى التشبه بالكفار في لباسهم الذي اختصوا به وتميزوا به، وعرفوا به ففي الحديث: «من تشبه بقومٍ فهو منهم». وقد أمرنا في نصوص متعددة بمخالفة اليهود والنصارى والمشركين. ومن آداب الرجل المسلم في لباسه: اجتناب ما أسفل من الكعبين فإن «ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار»، ومن آدابه: أن يجتنب لبس الحرير والذهب فإن لبسهما محرم على الرجال. ومن آداب المسلم في هيئته: إكرام اللحية وتوفيرها، وعدم العبث بها لا بقصٍ ولا بحلق، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: «أرخوا اللحى»، «أكرموا اللحى»، «وفروا اللحى». ومن آداب المسلم في هيئته: قص الشارب والأخذ منه، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: «قصوا الشوارب»، و«حفوا الشوارب». ومن آداب المسلم في هيئته: تقليم الأظافر، ونتف الإبط، وحلق العانة، والختان؛ لقوله –عليه الصلاة والسلام-: «خمسٌ من الفطرة: الختان والإستحداد، وقص الشارب، ونتف الإبط وتقليم الأظافر»، وفي حديث أنسٍ -رضي الله عنه- ما يدل على أنه لا ينبغي ترك الأظفار، وشعر الإبط، وشعر العانة وشعر الشارب أكثر من أربعين يومًا رواه مسلم. فتمسكوا عباد الله بهدي نبيكم -صلى الله عليه وسلم- في كل شؤونكم وتصرفاتكم فإنه من يطع الله ورسوله فقد فاز فوزًا عظيمًا. اللهم إنَّا نسألك الثبات على السنة، اللهم إنَّا نسألك الثبات على السنة. اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، وصلى الله وسلم على نبينا محمدًا.